على أن الموت لا يقدر عليه غيره تعالى لانه قال:«بإذنه»، عن أبي علي. وتدل على أن أجل الإنسان إنما هو أجل واحد خلاف قول البغدادية.
[رابعا: حول عالم الغيب]
قال الحاكم في تعريف الغيب في الصفحات الأولى من تفسيره:
«والغيب نقيض الشهادة، وهو مصدر وضع موضع الاسم، يقال للغائب: غيب، ومنه (عالم الغيب). والغيب: ما غاب عن الحاسة، أي خفي. ويقال: غاب عني، إذا خفي عن الأبصار» ونقل عن أبي علي أن الغيب على ضربين: منه ما لا دليل عليه فلا يعلمه إلا الله، ومنه ما عليه دليل فنعلمه، إلا أن «عالم الغيب» لا يطلق إلا على الله تعالى لأنه يوهم العلم بالجميع. وعن أبي هاشم أن الغيب ما لا طريق إلى معرفته ضرورة واستدلالا. قال الحاكم:«وربما مر في كلامه ما قدمناه!»«١» وأيا ما كان رأي الحاكم بين هذين الرأيين اللذين لا يبدو أن الفرق بينهما كبير، فإن الذي نودّ الوقوف عنده من عالم الغيب إنما هو رأي الحاكم في الموضوعات الهامة التالية:
١) إبليس: ونبتدئ بإبليس- عليه لعنة الله- لنقف على رأي الحاكم في مسألة وسوسته، ومسألة إنظاره إلى يوم الدين، وهما أبرز «مشاكله» في تفسير الحاكم، وقد
عرّضت لهما جميعا الآيات التالية من من سورة ص: قال تعالى، في قصة إبليس حين أمر بالسجود لآدم:
(قال فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين. قال