تقع حياة الحاكم في القرن الخامس الهجري، فقد ولد في إحدى قرى نيسابور سنة ٤١٣ وتوفي بمكة سنة ٤٩٤، وقد شهدت الدولة الإسلامية في هذا القرن، وبخاصة في الجزء الشرقي الذي عاش فيه الحاكم أشد حالات الفوضى السياسية بسبب كثرة الدويلات والنزاع بين الأمراء والسلاطين من جهة، ولما جرى من الفتن والمصادمات بين أصحاب المذاهب والفرق من جهة أخرى، حتى إن شمس هذا القرن لم تغب عن العالم الإسلامي إلا وقد جردت عليه أوروبا أولى حملاتها الصليبية عام ٤٩١.
ونصوّر في هذا التمهيد الموجز الحالة السياسية والدينية في هذا القرن وأثر ذلك في الحياة العامة، كما نعرض أيضا لحركة التأليف في التفسير وعلم الكلام، كلّ ذلك بالقدر الذي يلقي ضوءا كافيا على حياة الحاكم الذي كان رأسا في المفسرين والمتكلمين على حد سواء.
أولا: الحالة السياسيّة
كان الصراع السياسي في هذا القرن على أشده في بغداد عاصمة الخلافة، وفي الجزء الشرقي والشمال الشرقي في الدولة الإسلامية، وما تزال فارس وخراسان مسرحا للمزيد من حركات «الانفصال» والأسر المالكة الجديدة الوافدة، في الوقت الذي ينشط فيه الباطنية، ويتألق نجم العبيديين في مصر والشام واليمن وبلاد أخرى:
[١ - البويهيون]
: لم يلبث البويهيون الذين بدءوا في الظهور عام ٣٢٠ أن أسسوا