الفرقان: شاركتم في بعض جلسات المؤتمر القرآني الأول الذي عقدته الجمعية تحت عنوان: (نحو جيل قرآني)، كيف ترى السبيل إلى هذا الجيل؟
أ. د. زرزور: أنا أفهم من هذا العنوان أنه جيل الأمة المعاصر، كيف ننتقل به من حالة الضياع وتوزيع الأهواء إلى جيل قرآني مصدره واحد، لكن هذا يحتاج إلى أن تكون هناك أنواع من التخصصات تجتمع في النهاية لإشاعة قيم القرآن في الأمة. إن المشكلة الآن أن التحديات في وجه أجيال المسلمين طويلة، عصر ما قبل سقوط الخلافة وعصر ما بعده، تحديات داخلية وخارجية طاحنة، وإن أسوأ ما تعرضنا له موضوع التقسيم الجغرافي، وموضوع تعدد المشارب أو تعدد المذاهب الذي حُمل إلينا على جناح (المعاصرة) مثلاً، فهذه الكلمة أو كلمة (الحضارة) كانت المدخل لإشاعة قيم لا تأتلف مع القرآن أساساً، فهبطت علينا القومية والاشتراكية والماركسية والوجودية والعلمانية مصحوبة بدول متقدمة حضاريّاً فاندفعنا في طريق التغريب ونحن نظن أننا نحقق لأنفسنا الحداثة أو المعاصرة، فوجدنا أنفسنا متغربين لا متحضرين، فلسنا نحن الذين صنعنا الحضارة بكل تأكيد.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الإسلام بالنسبة للمجتمع العربي والإسلامي هوية أم اتجاه؟
إنه هوية وليس اتجاهاً، لكن التعبير عن الهوية في ظل هذا الزخم أخذ شكل الاتجاه. والأسوأ من ذلك أن المعبرين عن هذه الهوية عندما أخذت شكل الاتجاه ربما وقعوا في خطأ تصور أو خطأ الممارسة مما أبعد الفكر الإسلامي عن الحياة الذي هو نتاج قرآني بالأساس، فحدث التغريب. لكن المذاهب غير الإسلامية سقطت في الواقع كالماركسية مثلاً. أما الخصوصية التي تفضلتَ بالسؤال عنها وهي (الجيل القرآني) فالقرآن إنساني الرسالة وعالمي الخطاب؛ فمواصفات الجيل القرآني هي مواصفات النص القرآني، لكن النص القرآني الذي فُسِّر خلال العصور ربما أمكننا الآن أن نعيد النظر في جزء كبير من قواعد التفسير أو أن نضيف إليها ونعدّل فيها بحيث نستطيع أن ننتج جيلاً قرآنيّاً معاصراً لا جيلاً يكرر ما كتب حول التفسير في كتب التفسير أو في كتب التاريخ، فليس كل ما كتب في هذه الكتب صحيحاً.