أبا يعقوب الشحام عن عذاب القبر، فقال: ما منّا أحد ينكره- معشر المعتزلة- وإنما يحكى ذلك عن ضرار»! وضرار هذا هو ابن عمرو، الذي لم أجد له ذكرا في طبقات المعتزلة التي كتبها القاضى عبد الجبار، أو التي شارك في كتابتها، لأن طبقة أبي يعقوب الشحام (ت ٢٦٧) كانت مدونة قبل القاضي في كتاب اطلع عليه الأشعري، على التحقيق!!
وفي مثال آخر يقف الباحث في موضوع يعتبر من أهم الأبواب الكلامية التي ثار حولها جدل كبير، وهو موضوع الصفات الإلهية التي يقترن إنكارها بالمعتزلة على
الدوام .. على رد الحاكم الدائب على منكريها من المعتزلة، وهم معتزلة بغداد- أو جمهورهم- دون معتزلة البصرة!! والعجيب في هذه الردود أنها تحمل طابع البساطة والقوة في وقت واحد (انظر فقرة: التوحيد، من الفصل الأول- الباب الثالث).
وأحب أن أشير هنا، بهذه المناسبة، إلى أن تعميم النقل عن المعتزلة لا يصح قبل التدقيق والتحقيق، لأنهم ينتسبون إلى مدرستين أو فرعين كبيرين، وفي كل فرع آراء واجتهادات وردود ومناقشات؛ ولعل الردود بين المدرستين في بعض الأحيان أن تكون أقسى من ذلك النوع الذي كان بينهم وبين خصومهم.
وفي مثال ثالث- في استطراد أخير- سيقف القارئ، في صفحات مطولة، على رد الحاكم والمدرسة الجبائية على فكرة «الصرفة» في إعجاز القرآن، التي قال بها النظام- بغض النظر عن الحامل له على هذا القول- والتي اعتاد بعض الباحثين على نسبتها إلى المعتزلة؛ علما بأن الإمام ابن حزم- مثلا- وبعض أعلام الفرق الأخرى، بتبنونها ويدافعون عنها بقوة!