للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوب هذا الأصل، فذهب أبو علي إلى أنه العقل والسمع جميعا، وقصّره أبو هاشم على السمع، وليس في استدلال الحاكم على وجوبه ببعض الآيات الكريمة، ما يدل على ترجيحه لأحد الرأيين، لاتفاق الشيخين على وجوبه بطريق السمع. ولم يطل الحاكم الوقوف أمام هذا الأصل في تفسيره، كما أن أثره فيه مما لا يمتاز به عن سائر المفسرين، نظرا لاتفاق أغلب الطوائف والفرق الإسلامية على هذا الأصل العملي الهام. وقد استدل على وجوبه بقوله تعالى في سورة العصر: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) «١»، وقوله تعالى: (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ) «٢» وقوله: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) «٣» - الذي أعاد فيه الكلام على الخلاف بين الشيخين.

وقال في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) «٤»:

«إن الآية تدل على عظيم حال من يأمر بالمعروف وعظيم ذنب من قتله، وأنه بمنزلة من قتل نبيا، ولذلك قرنه به. وتدل على أن الأمر


(١) الآية ٣ التهذيب ورقة ١٥٤/ ظ.
(٢) الآية ٩ سورة الحجرات، ورقة ٦١/ ظ.
(٣) الآية ١٠٤ سورة آل عمران، ورقة ٢١٦.
(٤) الآية ٢١ سورة آل عمران، ورقة ١٤/ ظ.

<<  <   >  >>