للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى «الظن» وأجمل معنى الآية: قال: والآية تدل على أنهم كانوا مقلّدة قلّدوا على ظن حتى سمعوا القرآن والحجة، وانكشف لهم الحق وصحة ما قالوا، فرجعوا متعجبين مما كانوا عليه. ثم قال: «وهذا كرجل يرى شيخا على كرسي متطيلسا متعمما متحنكا! وحوله القيام من الناس وهو يبكي ويتضرع ويعلم الناس الجبر والتشبيه، فظن أنه على شيء وأنه لا يكذب على الله، فإذا ظهر له بالدليل كذبه وبهته يتعجب ويقول: ما ظننت أن مثل هذا يكذب على الله! كذلك هؤلاء» ثم قال: «وفي هذا إشارة إلى بطلان

التقليد، ووجوب اتباع الحجة» «١».

وقال في قوله تعالى: (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً) - وهي الآية التي تلي الآية السابقة بآية واحدة- «إنها تدل على أن اعتقادات المبطلين تبنى على الظنون دون العلم اليقين».

ثم إنه يرى في جميع الآيات التي تنعى على الكفار وأهل الجاهلية تقليد آبائهم واتباع ما وجدوهم عليه، ما يدل على ذم التقليد وتحريمه، وأنه مفزع الجهّال من الحجة، وأنه- على الدوام- عادة الكفار وأهل البدع، قال في قوله تعالى: (بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ) «٢» إن الآيات تدل «على


(١) التهذيب، ورقة ١١٧/ و.
(٢) الآيات ٢٢ - ٢٤ سورة الزخرف، التهذيب، ورقة ٣٨/ و.

<<  <   >  >>