للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسر الراسخين في العلم بأنهم الثابتون فيه الضابطون له المتفنون فيه، وقال إن الواو في قوله تعالى: (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) واو العطف، يعني لا يعلم تأويله إلا الله- فإنه يعلمه- والراسخون في العلم يعلمونه، ومع ذلك يقولون آمنا به، يعني يعلمونه ويقولون آمنا، فأضمر «يقولون». «وقيل تقديره:

والراسخون في العلم يعلمونه قائلين آمنا به، عن ابن عباس ومجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير وأبي مسلم، وقوله «يقولون» يكون حالا .. » «١»

ثم قال: «ولولا ذلك لم يكن لذكره الراسخين معنى! ويدل على صحة هذا أن الصحابة والتابعين أجمعوا على تفسير جميع آي القرآن، وعن ابن عباس أنه قال: أنا من الراسخين في العلم، وعن مجاهد نحوه.

ولأن الغرض بالخطاب الإفهام» «١».

أما الذين ذهبوا إلى أن الواو في الآية واو الاستئناف، وأن الكلام ثم عند قوله (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ثم ابتدأ: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ) - وهو القول الذي نسبه إلى عائشة ومالك والكسائي والفراء وأبي علي الجبائي- فلا يصح عنده إلا إذا فسر المتشابه بأنه ما استأثر الله بعلمه من المغيبات، نحو وقت قيام الساعة وخروج الدجال ودابّة الأرض، ويكون معنى تأويل هذه الأمور: العلم بوقت وقوعها، وذلك إلى الله تعالى لا يماري في ذلك أحد «٢»!


(١) المصدر السابق.
(٢) انظر كتاب: متشابه القرآن: دراسة موضوعية للمؤلف ص ١٤٠ فما بعدها. طبع دمشق ١٣٨٩.

<<  <   >  >>