وقتادة والضحاك وجماعة من المفسرين: إن الوحي تأخر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم مدة فاغتم لذلك وقال قوم من المشركين إن رب محمد قد قلاه، فأنزل الله تعالى هذه السورة. وذكر الأصم أن المشركين تجمعوا عليه عند تأخر الوحي وهو في الكعبة فتناولوه فأكب أبو بكر عليه وقال:
(أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ .. ) فأنزل الله تعالى هذه السورة، قال الحاكم في التعقيب على هاتين الروايتين:«وهذا وإن كان من أخبار الآحاد فلا مانع منه لأن الوحي إنما ينزل للمصلحة فقد تكون المصلحة في تأخيره». وذكر بعد ذلك روايتين أخريين كذبهما ونسبهما إلى المشركين والملاحدة، قال:«وروى أنه لما تأخر الوحي شكا إلى خديجة وقال:
ودّعني ربي وقلاني، فنزلت السورة» قال: «وهذا لا يصح لأنه صلّى الله عليه وسلم أعلم بالله وبنفسه من أن يظن هذا الظن، لأنه خصه بالنبوة فلا يجوز أن يودعه ويقليه، ولأنه يعلم أن الوحي قد يتقدم ويتأخر» قال الحاكم: «وما روي أيضا أنه قال لخديجة: خشيت أن أكون كاهنا! فهذا من دسيس الملحدة حيث رووا أنه كان في شك من أمره ليشككوا الناس، فلا ينبغي أن يقبل ذلك». أما سبب تأخير الوحي فقد ذكر فيه الحاكم أيضا عدة روايات، ثم عقب عليها، قال: «واختلفوا في سبب تأخير الوحي، فقيل: لتركه الاستثناء لما سئل عن حديث أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، فقال: سأخبركم غدا ولم يقل إن شاء الله- وهذا هو معنى الاستثناء- عن جماعة. وقيل: قال ليلة المعراج: سخّرت الحديد لداود، والنار لإبراهيم، فأنزل الله تعالى:(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى .. ) إلى آخر السورة. وروى عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: