للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به وو نجهم، ولو كان ذلك فعله لما صح ذلك، ولأن تزيين عبادة الصنم قبيح قد نهى عنه وأوعد عليه فلا يجوز ان يفعله، ولأنه لو جاز أن يفعل ذلك بنفسه جاز أن يبعث رسولا يدعو اليه! وهذا فاسد».

وفسّر قوله تعالى: (بِكُفْرِهِمْ): بأنهم «لاعتقادهم التشبيه وجهلهم بالله وتجويزهم العبادة لغيره، أشربوا في قلوبهم حب العجل؛ لأنهم صاروا إلى ذلك، لهذه المعاني التي هي كفر. فأما من قال: فعل الله بهم ذلك بكفرهم مجازاة لهم فذلك غلط عظيم، لأن حب العجل ليس من العقوبة في شيء ولا ضرر فيه، ولا يجوز أن يخلق حب العجل لأنه قبيح يتعالى الله عن ذلك!».

وعنده في مسألة تزيين الاعمال أن المزين للأعمال القبيحة هو النفس والشيطان، وأن قول من يقول إنه تعالى زيّن لكل إنسان عمله من خير أو شر، باطل، يدل على ذلك أن أكثر ما ورد التزيين في القرآن منسوبا إلى الشيطان او مبنيا للمجهول، فلا يجوز إضافته إلى الله تعالى، قال الحاكم في قوله تعالى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً .. ) «١»

إن معناه: موّه عليه فرأى سوء عمله حسنا. ثم قال: «فإن قيل:

من زين له؟ قلنا: نفسه والشيطان وأقرانه، لأنه ليس في الظاهر أن المزين هو الله تعالى، أما نفسه فتميله إلى الشهوات والشبهات واتباع المألوف والإعراض عن النظر. وأما الشيطان فبإغرائه ووسوسته، وأما أقرانه فبالدعاء إلى اللذات والشهوات»


(١) الآية ٨ سورة فاطر، ورقة ١٣٨/ و.

<<  <   >  >>