للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولها: أن قوله (ناراً) نكرة في الإثبات، والنيران دركات فيجوز أن يكون أراد نارا يختص بعذابها الكفار، عن أبي علي، وقد قال تعالى: (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) وقال: (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ).

وثانيها: أن النار أضيفت إليهم لأنهم أكثر أهلها وأولاهم بها، وهم المقصودون بها، كقوله تعالى: (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ).

وثالثها: أن فيه بيان أن الأشقى يدخلها، أما غيره فموقوف على الدليل، ولا يمتنع دخول غيره كقوله: (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى)، ثم إن الفاسق ليس بأتقى ويتجنبها عنده! ولأنه لو كان استثناء حقيقة- على ما يزعمه- لوجب القطع على أن الفاسق لا يدخل النار، وفيه خلاف الإجماع، وإغراء بالمعاصي، بل إباحتها، وذلك لا يصح، ولأن البخيل والعاصي يخوف بالنار، فإما أن يقال هم كفار، وذلك لا يصح، أو يقال: غير مخوفين، وذلك خلاف الإجماع ... ».

قال الحاكم: «وأحسن الوجوه هو الأول».

وقال في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) «١» إنه لا يدل على نفي ثالث، وهو الفاسق، بل هو مسكوت عنه، وإنما الغرض بالآية ذكر الطرفين على ما ذكره أبو علي. وقيل: أراد: فمنكم جاحد ومنكم مقر، عن الأصم. وحكى عن الحسين: ومنكم منافق إلا أنه داخل في قوله: (فَمِنْكُمْ كافِرٌ) قال الحاكم: والوجه ما قاله أبو علي.


(١) الآية ٢ سورة التغابن، ورقة ١٠١/ ظ.

<<  <   >  >>