للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو الفساد فذلك فرع عن الحكم على آرائهم في أمور كثيرة، أهمها نظرتهم الخاصة- المتقدمة- إلى معرفة الله تعالى وصفاته، أو نظريتهم في «المعارف» بعامة، وإن كنا نشك في سلامة «استقلال» العقل بمعرفة الله تعالى وصفاته على النحو الذي لا بد منه ابتداء عند المعتزلة! - والموضوع جدير بأن يفرد بالبحث «١» - كما أن هذا المنهج لا يخلو من بعض الثغرات الكبيرة، كالإفراط في قياس الغائب على الشاهد، وتطبيق الاعتبارات الإنسانية في الأمور الإلهية- مما يؤخذ على المعتزلة في الغالب- إلى جانب عدم تفريق كثير من أصحاب هذا المنهج بين ما يقضي العقل ببطلانه، ولو بحسب قوانين عالم الشهادة، مثل مسألة الرؤية، وبين ما لا سبيل له إلى الحكم عليه، لأنه مما لا يدخل تحت الحواس، ونتوقف معرفته على الخبر، مثل عذاب القبر والمعراج ونزول عيسى، مما أنكره بعضهم! حتى أنكر عليهم ذلك مفسرنا الحاكم الذي كان فيما يبدو شديد التفريق بين هذين الأمرين.

وبعد، فإن هذا المنهج العقلي، وما يلازمه من ثقافة كلامية واسعة قد تركا في تفسير الحاكم أثرا واضحا، كما سنتحدث عن ذلك في الفصل التالي.


(١) تعرضنا لهذا الموضوع بالتفصيل في دراستنا لمنهج المعتزلة في تفسير القرآن، التي أشرنا إليها في صفحة سابقة.

<<  <   >  >>