للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كونه معجزة لنبي، قال: «ثم اختلفوا فقيل كان إرهاصا لنبينا عليه السلام، وكذلك حديث الغمامة، وهو قول مشايخنا البغداديين. وقيل كانت معجزة لبعض الأنبياء في ذلك الزمان، وهو قول شيوخنا»

ثم دافع عن هذا الرأي فقال: «ومتى قيل: لو كان ثمّ نبي لظهر أمره وتواتر خبره! قلنا: يجوز أن يكون مبعوثا إلى طائفة ولم يكن ثم متعبّدين بشرعه فجائر أن يخفى عنا خبره، نحو كثير من الأنبياء» ثم قال:

«ولا بد عندنا في المعجز أن يتعلق بالدعوى، فإذا لم يكن عقيب دعواه- النبي- لا يتعلق به» «١» ولهذا حملوه على أنه معجزة لنبي آخر.

٣ - حفظ النبي: وعنده أن الله تعالى يعصم رسوله من قومه ويحفظه حتى يبلّغ، وأن ذلك لا بد منه في بعض المواضع، قال في قوله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) «٢» إنه يدل على أنه تعالى تضمن حفظه وحياطته حتى يبلّغ. قال: «ومتى قيل: هل يجوز أن يخلّي بينه وبين أعدائه فيقتل؟ قلنا: قبل الأداء: لا، لما فيه من تفويت المصالح، وبعد الأداء يجوز ويصير بمنزلة موته».

وقال في قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ، وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) إنه يدل على أنه تعالى عاقب الامم عند تكذيبهم الرسل بضروب من العقاب


(١) التهذيب ورقة ١٥٥/ و. وانظر القاضي، المرجع السابق ص ٢١٣ فما بعدها.
(٢) الآية ٤٨ سورة الطور، ورقة ٧١/ و.

<<  <   >  >>