أرسله فلا بد من تبقيته حتى يؤدى، ولا بدّ أن يعلم النبي ذلك، ولكن لا يكون إغراء لأنه تعالى علم من حالهم أنهم لا يعصونه، بخلاف غيرهم.
«ومتى قيل: إذا علم التبقية فلم خاف القتل؟ قلنا: خاف القتل بعد أداء الرسالة.
«والجواب عن الثاني: أنه طلب تقوية لنفسه، وليكون الوصول إلى البغية أقرب، ويكون أقوى على الأمر، فأما الاستعفاء فلا يجوز البتة على الأنبياء، ولا بدّ أن يكون في هذا السؤال إذن من جهته تعالى، وإذا أذن لا بدّ أن يجيب. ولأنه لا يعلم المصالح فلا بد في السؤال أن يكون صادرا عن أمر».
ثم قال: «ويدل قوله: (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) أن في الذنوب ما يبقى، وهو الكبائر وبعض الصغائر. ويدل على أنه تعالى وعدهم النصرة والمعونة، فأيدهما بالمعجزة والدلالة، وأمّنهما من الخوف والمضرّة. وكل ذلك يدل على أن الواجب العصمة حتى يؤدي الرسالة».
٤ - عصمة النبيّ عن الكبائر، وتنزيهه عما ينفّر: وللحاكم في تفسيره في هذا الموضوع مواقف ولفتات طيبة، وقد ذهب إلى القول بعصمة الأنبياء عن الكبائر قبل البعثة وبعدها، وإلى تنزيههم عن أمور شنيعة وردت في بعض القصص والأخبار، بغض النظر عن درجة هذه الأخبار ومصدر تلك القصص، ويبدو أن أخبار أهل الحشو والإسرائيليات عنده على حد سواء!
أ) أما العصمة عن الكبائر فلقوله تعالى- على لسان رسوله-