للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حملنا تأكيده الدائب عليهما على إجمال القول في موضوع الارزاق والآجال.

١) عرّف الحاكم الرزق بأنه «ما له أن ينتفع به وليس لأحد منعه» «١» ونسب إلى الحشوية- كما يسميهم- القول بأن كل ما أكله فهو رزق له حلالا كان أو حراما. قال: والاصل في هذا أن الرزق لا بدّ أن يكون مضافا أو في حكم المضاف؛ فإذا أضيف إلى جملة العباد فالمراد أن لهم أن ينتفعوا به من غير تخصيص. وأما إذا أضيف إلى معين- فيقال رزق له- فهو أن يختص به حتى لا يصح للغير أن ينتفع به إلا بإذنه، وله هو أن ينتفع به وليس لاحد منعه، فما هذا حاله وصف بأنه رزق له: قال الله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) «٢» قال الحاكم: تدل الآية على أن الله تعالى الرزاق لجميع الحيوانات. «ولا شبهة أن الارزاق كلها من جهة الله تعالى لأنها أجسام وأعراض لا يقدر عليها غيره. وما دام يبقى على أصل الإباحة فهو رزق للجميع، فإذا اختص به بعضهم وملكه كان رزقا له».

ولهذا فإن الحرام لا يعد رزقا لانه يعاقب على التصرف فيه، ولانه تعالى مدح الإنفاق في الرزق! قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ .. ) «٣» قال الحاكم: تدل الآية أن الرزق لا يكون حراما لان الإنفاق من الحرام محظور.

وقال تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) «٤»


(١) شرح العيون، ورقة ٢٢٢.
(٢) الآية ٦٠ سورة العنكبوت، ورقة ٦٨/ ظ.
(٣) الآية ١٠ سورة المنافقون، ورقة ١٠١/ ظ.
(٤) الآية ٣٨ سورة الشورى، ورقة ٣٥/ و.

<<  <   >  >>