ضد ما يريده الآخر، من إماتة وإحياء أو تحريك أو تسكين أو اجتماع أو افتراق. [و] لا يخلو إما أن يحصل مرادهما، وذلك محال، أو لا يحصل وفيه نفيهما، أو يحصل مراد
أحدهما وفيه نفي للثاني».
ثم دافع عن هذا الدليل، فقال:«ولا يقال إن عند الدّيصانيّة هما قديمان ولكن أحدهما قادر عالم حي، والآخر عاجز جاهل ميت يقع الفعل منه طباعا، لأنا قد بينا أن الاشتراك في القدم يوجب التماثل في سائر صفات النفس، ولأنه لو وجب مخالفتهما، لاختلاف ما يقع منهما، لما جاز أن يكونا قديمين باقيين!
«ولا يقال إن كل واحد منهما يريد ما يريده الآخر، لأنه يريد بإرادة لا في محل، وذلك لأنا نعني هذا في الارادة، فيفضل هذا إرادة التحريك والآخر التسكين، ولأن هذا يؤدي إلى التباس القادر بالقادرين!
«ولا يقال إنهما لا يتمانعان لأن ما يريد أحدهما يكون حكمه، لأن كلامنا يجري بصحة التمانع لا بوقوع التمانع، وصحة التمانع تدل على أن أحدهما متناهي المقدور فلا يكون إلها!
«ولا يقال: أليس صحة الظلم عندكم لا يدل على الجهل والحاجة، ووقوعه يدل، كذلك هاهنا! قلنا: صحة التمانع [و] وجوده سواء في دلالة أن أحدهما أقدر، وصحة الظلم لا يدل على الجهل والحاجة».
... وبعد، فهذه صورة عامة عن الآثار التي خلّفها منهج الحاكم العقلي، وثقافته الكلامية الجدلية في تفسيره، أتينا فيها على أهم هذه الآثار وأكثرها دورانا في هذا التفسير.