للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنما كان بلفظه ومعناه جميعا، لان قوله تعالى في الآية السابقة (عَلى قَلْبِكَ) ليس له في الاصل ظاهر يصح التمسك به «١» حتى يقال إنه أولى من المجاز والتوسع، فضلا عما دلت عليه هذه الآية الثانية وآيات أخرى كثيرة، وما علم من دين الإسلام بالضرورة، وإنما المراد بقوله تعالى (عَلى قَلْبِكَ) ما قدمناه من كلام الحاكم رحمه الله.

د- أما إضافته تعالى القرآن إلى النبي صلّى الله عليه وسلم أو إلى جبريل، فقد


(١) أشار السيوطي إلى أن بعضهم ذهب إلى هذا القول، وزعم أن القرآن أوحي بمعناه فقط!! ولكن السيوطي الذي أغرى بالجمع السديد تارة، وغير السديد تارة أخرى- على سعة باعه في الحديث والرواية والتفسير بالمأثور- لم يذكر لنا في هذه المرة من هو قائل هذا القول! ومن أي الناس هو، وإلى أي ملة ينتسب! وقد تكفل السيوطي- في باب الوحي أيضا- ينقل ما قيل- وما أهون أن تكتب
هذه الكلمة «قيل» ويلقي بعدها بآراء لا يعلم مصدرها إلا الله- في كيفية تلقي الرسول للوحي، و «الحالة» التي يكون عليها عند ما يهبط عليه جبريل بالقرآن؛ هل ينخلع الرسول من صورته البشرية ليتلقى عن الملك، أم يدخل الملك في صورة بشرية ليوحي إلى الرسول! وكل ذلك افتراضات لا سند لقائلها يعول عليه، وليست مثل هذه القضايا الغيبية مما يدخل تحت الفروض والاحتمالات العقلية الكثيرة، وما نعرفه من الوحي وما شاهده الصحابة بأنفسهم- ولم يزيدوا عليه من افتراضاتهم- إنما هو آثاره التي كانت تبدو على النبي صلى الله عليه وسلم من الجهد والمشقة. وما كان خبر السماء يهبط به أمين السماء الا أمرا جليلا هيأ الله تعالى له نبيه الذي اصطفاه وخاطبه بقوله: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا). وقد أحسن الحاكم- رحمه الله- في عدم خوضه في هذه الموضوعات، سواء في تفسيره أو في كتبه الأخرى التي وقفنا عليها. راجع السيوطي ١/ ٧٤.

<<  <   >  >>