القول بأن القرآن من جمع عثمان رضي الله عنه، بعض المزاعم الباطلة، قال الحاكم: والذين تلقفوا هذه الروايات فريقان: الحشوية، وعوام الإمامية، وهؤلاء جهلة مقلدة راجت عليهم دسائس الملحدة، قال:«وأما العلماء فلا خلاف عندهم في القرآن البتة، وأنه كان مجموعا على هذا الحد في آخر أيام الرسول، يبين صحته ما رواه القوم من فضائل السور. وإنما كان من أبي بكر التشدد في جمعه في المصاحف، وتشدد عثمان في الجمع على هذا المعروف لاختلاف اللغات، وكان ابن مسعود يقول: أنزل المعوذتين للتعوذ وأبيّ يقول في سورتى القنوت إنه منزل ليثبت، والخلاف كان في الإثبات، فكان الخلاف في إثباته في المصحف لا في إنزاله»«١».
وقد عقد الحاكم في مطلع تفسيره لسورة الأحزاب فصلا نقد فيه هذه الروايات، وفند مزاعم الرافضة، وأبان في ذلك عن علم وبصيرة، ونكتفي هنا بذكر هذا الفصل للوقوف على ردود الحاكم التي تغنى عن الإطالة في تقسيم هذه الفقرة، قال:«وروى جماعة من نقله الحديث عن أبي بن كعب أن سورة الأحزاب تقارب سورة البقرة، وكان فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. ورووا عن عمر قريبا منه، ورووا عن عائشة أنها- أي السورة- كانت تقرؤ في زمن الرسول صلّى الله عليه وسلم مائتي آية، فلما كتب عثمان رضي الله عنه المصاحف لم يقدر عليها إلا على ما هي الآن! ولما رووا هذا القدر وجدت الرافضة لنفسها مجالا، فرووا في هذه السورة ما يتجاوز هذا الحد، وذكروا أن فيها النص على تكفير عثمان وغيره من الصحابة فحذفوه منها ... »