للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذين الوجهين، قال القاضي: «فأما قول من يقول: إنه تعالى صرف هممهم ودواعيهم عن المعارضة فلذلك صار القرآن معجزا، فليس يخلو من أن يريد:

إنهم لو لم تنصرف دواعيهم كان يمكنهم أن يأتوا بمثله، أو يقول: كان لا يمكنهم ذلك» «١».

وأيا ما كان الأمر فقد رد الحاكم هذين الوجهين- أو الاحتمالين- من وجوه الصرفة، وأبان عن فساده، قال: «وقول من يقول بالصرفة لا يصح لوجوه، منها: أن القوم في أيامه لم يكونوا ممنوعين من الكلام، فان أراد صرفهم عن العلم الذي معه يتأتى مثله فهو الذي نقول، وإن أراد صرفهم، وتلك العلوم قائمة والدواعي إلى المعارضة متوافرة؛ فذلك يستحيل. وإن قال: يصرفهم عن الدواعي فقد بينا ثبوت الدواعي فيهم.

وبعد، فلو كان الإعجاز الصرفة لكان أدون في الفصاحة آكد في الإعجاز، ولكنه كان لا يصح التحدي به!».

د) ورد الحاكم القول بأن المعجز بما فيه من أخبار الغيب، أو أنه غير متناقض، قال: «وقول من يقول الإعجاز أنه لا تناقض فيه لا يصح، لأن التناقض يرجع إلى المعنى، والتحدي وقع باللفظ!. وقول من يقول: المعجز بما فيه من أخبار الغيب غير سديد، لأنه لو كان كذلك لكان المعجز ما يتضمن خبرا، ولأنه تحدى بسورة، ونحن نعلم أن كثيرا من السور لا يتضمن خبرا!».

هـ) وأخيرا ختم الحاكم القول في إعجاز القرآن بأن الخلاف في


(١) إعجاز القرآن للقاضي، صفحة ٣٢٣.

<<  <   >  >>