٥) ومن الملاحظات الجديرة بالاعتبار، سواء أكان الحكم فيها للحاكم أم عليه؛ أن تفسيره الكبير قد حمل إلينا صورة من صور النزاع بين المعتزلة والأشاعرة في القرن الخامس، أو بين المعتزلة والمجبرة كما يسميهم الحاكم، حتى إنه جعل من خصومته معهم محور تفسيره كما رأينا. وفي هذا ما يؤكد ضرورة الوقوف على عصر أي مفسر في دراسة منهجه في تفسير القرآن، من جهة، كما أنه يمهد الطريق لفهم بعض المواقف المتطرفة أيضا لدى بعض مفسري الأشاعرة في هذا القرن «١»، من جهة أخرى.
٦) أشرنا في تعقيبنا العام على ما وصل إلينا من كتب الحاكم- عند الكلام على آثاره في الباب الأول- إلى مدى اعتماد الزيدية في بلاد اليمن على كتاب التهذيب- وكتاب الكشاف- وكيف أنهم كانوا يروونه ويتدارسونه ويتناقلونه، منذ أن رواه عنه ابنه محمد إلى عهد قريب، وذكرنا أن القاضي جعفر بن عبد السلام (ت ٥٧٣) سمع كتاب الحاكم على أبي جعفر الديلمي عن ولد الحاكم،- كما سمع بعض كتبه الأخرى على ابن وهاس تلميذ الزمخشري- وأن الإمام شرف الدين (ت ٩٦٥) قد روى كتبا كثيرة منها تفسير الحاكم كله، وجلاء الأبصار، والسفينة ... وكتبا أخرى، ونص على أن روايته لتفسير الحاكم عن الفقيه ابن الأكوع من نسخة القاضي جعفر- تسعة أجزاء- التي كانت في خزانة الإمام المتوكل على الله المطهر بن يحيى. وقد قال ابن القاسم في الطبقات عند حديثه