«المعنى:(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا) أي كما أوحينا إلى الرسل أوحينا إليك. (قُرْآناً عَرَبِيًّا) أي بلغة العرب (لتنذر) لتخوف (أُمَّ الْقُرى) يعني مكة، وسميت بذلك قيل لأنها أفضل القرى لأن فيها البيت وهي حرم، وكل قرية دونها، عن أبي مسلم. وقيل: لأنها أول بيت وضع، وأم كل شيء: أصله، فكانت مكة أما لجميع القري.
«(وَمَنْ حَوْلَها) أي: لتنذر من حول مكة، قيل المراد به العرب ليكونوا أنصارا له على سائر الأمم، عن أبي مسلم. وقيل المراد به سائر الناس، عن أبي علي.
«(وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) أي بيوم يجمع فيه الخلائق، وهو يوم القيامة، ولم يبين ما خوف به ليذهب قلب المكلف إلى كل مذهب من أنواع الخوف. وقيل: الإنذار بيوم الجمع إنذار بالفضيحة التي تظهر. (لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا شك. (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) وهو النار، ففي الجنة الأنبياء والمؤمنون، وفي النار الكفار والفاسقون، وهذه أحوال المكلفين لا يخلو مكلف من أحد هذين، وأحدهما غاية الأمنية لأنها نعيم دائم، يستحق على سبيل التعظيم لا يشوبها ما ينغصها. وثانيها غاية الهموم؛ لأنها آلام عظيمة على سبيل الاستحقاق والإهانة لا يشوبها روح.
«(وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) قيل: لو شاء لحملهم على دين واحد، وهو الإسلام، بأن يلجئهم إليه بفعل لأنه يزيل التكليف، وإنما يثبت التكليف والثواب والعقاب مع الاختيار، ولو فعل ذلك لبطل الغرض، عن أبي علي. وقيل: لو شاء أن يجعل الفريقين فرقة واحدة بأن يخلقهم في الجنة لفعل، ولكن اختيارهم على الدرجتين، وهو استحقاق