إن الله جل في علاه ألجمهم في ذلك، فقال:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}[الحج:٦١] , وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً بصيراً).
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها, قالت:(سبحان الذي وسع سمعه الأصوات كلها! فإن المرأة تشتكي زوجها للنبي صلى الله عليه وسلم ويخفى عني بعض حديثها, فأنزل الله من فوق سبع سماوات {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}[المجادلة:١]).
وكذلك ابن مسعود عند ما وصف أن ما بين كل سماء وسماء خمسون ألف سنة, في الرواية المشهورة عنه، ثم قال:(والله فوق العرش ويعلم ما أنتم عليه) , فالله جل في علاه أحاط بكل شيء سمعاً وبصراً وعلماً وقدرة.
وكذلك حينما قال موسى:{إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى}[طه:٤٥] فقال الله جل وعلا رداً عليه: {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:٤٦].
وأيضاً عندما ارتجف أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه في الهجرة خوفاً على رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مثبتاً إياه:(يا أبا بكر ما بالك باثنين ثالثهما الله, إن الله معنا لا تحزن) , وأنزل الله قوله:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة:٤٠] , أي: معنا بسمعه وعلمه وقدرته ونصره وتسديده وتوفيقه سبحانه جل في علاه.
فهذا القياس الباطل الذي وقع فيه أهل الجاهلية هو من هذه القياسات التي أوقعتهم في الضلال وفي الشرك.