للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفوارق بين البيع والربا]

إن قياس البيع على الربا قياس باطل فاسد؛ لأنه مصادم للنص, والله جل وعلا أعلم بما يشرع لعباده، قال تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:٥٤]، فيكون هذا القياس فاسد الاعتبار, وإذا دققت النظر تجد أن هذا القياس فيه فوارق كثيرة: أولاً: أن الربا فيه ظلم.

ثانياً: فيه عدم التراضي.

ثالثاً: ينشىء الحقد والحسد والغل من المقترض على المقرض.

رابعاً: أن النفع فيه لا يعود إلا على المقرض, فيزداد المقرض غنى على غناه, ويزداد الفقير فقراً على فقره, وأغلالاً على أغلاله.

فأربع وجوه كافية لتحريم الربا، وأما البيع فهناك فوارق بينه وبين الربا: أولاً: فيه التراضي, ولذلك الله جل وعلا قال: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء:٢٩]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما البيع عن تراضٍ).

ثانياً: البيع فيه العدل والمساواة, وليس فيه ظلم؛ لأن التراضي يمنع الظلم، فهذا يكسب وهذا يكسب.

ثالثاً: النفع في البيع يتعدى إلى الطرفين البائع والمشتري, حتى وإن كان البائع أكثر ربحاً, فهذا رزق الله يؤتيه من يشاء, لكن كل منهما سيفوز بالربح وبالرضا.

رابعاً: أن البيع فيه تعاون على البر والتقوى, وعدم انتشارٍ للغل والحقد في المجتمع الإسلامي؛ لأنهم يترابطون ويتعاونون, وكل منهم يكسب الآخر ربحاً, ويربح هو, والتراضي حاصل, ويعم الخير عندهما معاً الغني والفقير, وتختفي الطبقية في المجتمع بفضل الله سبحانه وتعالى، ويتعاونون على البر والتقوى في دين الله جل في علاه, وفي الدنيا ينتفعون من هذه الأموال.

فهذه أربع فروقات بين الربا وبين البيع الصحيح, ولذلك لما قاس المشركون البيع على الربا, أبطل الله هذا القياس، وبين أن هذا القياس قياس فاسد, وقياسهم هذا مثل قياس إبليس, فلما قالوا: (إنما البيع مثل الربا) رد الله تعالى بقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:٢٧٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>