للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قياس الكفار الفاسد في الشفاعة]

كذلك قاسوا الخالق بالمخلوق في الشفاعة، فهذا موجود في واقعنا عند المخلوق ولا يستلزم أن يكون موجوداً عند الخالق.

وذلك أن الشافع -عند المخلوق- إذا دخل بغير إذن المشفوع عنده فإنه لا يقبل شفاعته، وكذلك الشافع لا بد أن يكون له منزلة ومكانة عند المشفوع عنده، وله كلمة عنده، ويستحي المشفوع عنده أن يرد هذا الشافع, وهذا في البشر, ولذلك هم يقولون: بأننا نتخذ هؤلاء الأنداد بيننا وبين الله وسائط؛ ليشفعوا لنا عند الله.

وهنا قاسوا قياساً فاسداً فقالوا: إن الله كالبشر لا يدخل عليه إلا من هو ذو مكانة, ولا يسمع إلا لمن له الكلمة عليه, وحاشا لله جل في علاه, وهل هناك أحد يجبر الله على شيء؟ حاشا لله جل في علاه, ولذلك فالمشركون عندما صرفوا العبادة للوسائط والشفعاء قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣]، فرد الله عليهم قال: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ} [يونس:١٨] أي: أتعلمون الله بأن هؤلاء لهم الكلمة عليه؟ أو بأن الله له حُجَّاب لا أحد يدخل عليه إلا بها؛ فإن هذا قياس باطل، وهو الذي جعلهم يقولون: إن هناك من كلمة عند الله، كما توسل قوم بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم, وسنبين بعض ما وقع فيه من أقيسة باطلة في العقائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>