للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيفية الارتقاء من الشرك الأصغر إلى الشرك الأكبر في التشاؤم]

الأصل أن التشاؤم شرك أصغر، وهو نادر الارتقاء من الشرك الأصغر إلى الشرك الأكبر، لكن كيف يرتقي المرء من الشرك الأصغر بالاعتقاد الفاسد إلى الشرك الأكبر؟! أقول: الشرك الأكبر خطر عظيم؛ لأن المرء بهذا الاعتقاد الفاسد سيخلد في نار جهنم، إلا أن تتداركه رحمة الله جل في علاه فيخرج من هذا الشرك إلى التوحيد.

نقول: يرتقي المرء من الشرك الأصغر إلى الشرك الأكبر إذا اتخذ سبباً لم يشرعه الله سبباً، واعتقد في هذا السبب أنه ينفع ويضر، فهذا قد خرج من الملة وأشرك شركاً أكبر؛ لأنه اعتقد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله، وهذه القاعدة قعدها شيخ الإسلام ابن تيمية، فلو سمع رجل بامرأة هي من الجمال بمكان ومن الدين بمكان، وأراد الزواج منها، فقال: سأجعل الطير يطير، فإن ذهب يميناً ذهبت وتزوجتها، وإن ذهب يساراً فلن أذهب ولن أتزوجها، فسئل عن ذلك، فقال: هذا الطير هو الذي يمتلك إساءتي في هذه المرأة أو سعادتي فيها، فهذا يرتقي إلى الشرك الأكبر.

أو رجل ربط صوفة بسبب التعب أو المرض الذي أصابه في يده، فقلنا له: لم ربطت هذه الصوفة؟ قال: هي تنفعني في مرضي وتشفيني ولم يقل: بإذن الله، فاعتقد فيها اعتقاداً باطلاً، فمن اعتقد في غير الله من شجر أو حجر أو بشر ما لا يعتقد إلا في الله فقد أشرك شركاً أكبر؛ لأن النافع والضار والمحيي والمميت والمبدئ والمعيد هو الله، فمن اعتقد في أن هناك من البشر من يحيي ويميت، ومن يبدئ ويعيد، ومن يرزق ويمنع الرزق، ومن يرفع ويخفض، فقد خرج من الملة؛ لأنه أنزل المخلوق منزلة الخالق، فجعل لله نداً في الربوبية وفي التصرف في هذا الكون؛ ولذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك).

إذاًَ: الشرك شركان: شرك أكبر، وشرك أصغر، الشرك الأكبر أن يعتقد في هذا السبب، فإن لم يعتقد في هذا السبب فنقول: هذا من الشرك الأصغر وله حكم الطيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>