للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في حديث عوف بن مالك السابق قوله -صلى الله عليه وسلم-: «اعدد ستاً بين يدي الساعة: ... -فذكر منها- ثم موتان (١) يأخذ فيك كقعاص (٢) الغنم» (٣).

قال ابن حجر: (يقال إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس في خلافة عمر وكان ذلك بعد فتح المقدس) (٤).

[٥ - استفاضة المال والاستغناء عن الصدقة]

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبله منه صدقة، ويدعى إليه الرجل فيقول لا أرب لي فيه» (٥).

فقد تحقق كثير مما أخبرنا به الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- فكثر المال في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- بسبب ما وقع من الفتوح، واقتسموا أموال الفرس والروم، وفاض المال في عهد عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله-، فكان الرجل يعرض المال للصدقة فلا يجد من يقبله.

وسيكثر المال في آخر الزمان حتى يعرض الرجل ماله فيقول الذي يعرضه عليه: لا أرب لي فيه، وهذا -والله اعلم - إشارة إلى ما سيقع في زمن المهدي وعيسى -عليه السلام- (٦) من كثرة الأموال وإخراج الأرض لبركتها وكنوزها.

[٦ - ظهور الفتن]

وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل، فتزلزل الإيمان حتى يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، كلما ظهرت فتنة قال المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف ويظهر غيرها فيقول: هذه هذه.

ولا تزال الفتن تظهر إلى أن تقوم الساعة، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا» (٧).


(١) مُوْتان: بضم الميم وسكون الواو هو الموت الكثير الوقوع، انظر فتح الباري (٦/ ٢٧٨).
(٢) قُعَاص بضم العين المهملة وتخفيف القاف، داء يأخذ الدواب فيسيل من أنوفها شيء فتموت فجاءة، انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٤/ ٧٨)، ط. الأولى، تعليق: صلاح عويطة، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤١٨ هـ، وفتح الباري (٦/ ٢٧٨).
(٣) سبق تخريجه ص ٢١.
(٤) فتح الباري (٦/ ٢٧٨).
(٥) صحيح البخاري، كتاب الفتن (١٣/ ٨١ - ٨٢ - مع الفتح)، وصحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب كل نوع من المعروف صدقة (٧/ ٩٧ - مع شرح النووي).
(٦) انظر: فتح الباري (٨٧ - ٨٨).
(٧) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل أن تظهر الفتن (٢/ ١٣٣ - مع شرح النووي).

<<  <   >  >>