للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد: الأطوار التي يمر الإنسان بها من الحياة]

يمر الإنسان في أربعة أطوار من الحياة (١):

[١ - الطور الأول: حياته وهو جنين]

فالجنين في بطن أمه كائن حي، يحس ويتحرك، ويتألم وينمو ويمرض ويصح ... إلى أن يقضي فيه الزمن المعين الذي قدر له.

ثم ينقل إلى هذه الحياة طفلاً ضعيفاً كما نراه، قال تعالى: {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: ٥].

[٢ - الطور الثاني: حياته الدنيا]

ثم ينتقل من ضيق الرحم، إلى هذه الحياة الفسيحة، فيحيا فيها حياة لا شبه بينها وبين حياته وهو في الطور الأول في بطن أمه. فقد أصبح يتغذى من فمه، ويبصر بعينيه، ويسمع بأذنيه، ويبطش بيديه، ويمشي على رجليه.

حتى إذا بلغ أشده واستوي، منحه الله عقلاً، وأتاه علماً، وبقي في هذه الدنيا إلى أجله المحتوم ... ثم يموت.

والموت هو القيامة الصغرى فكل من مات فقد قامت قيامته، وحان حينه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رجال من الأعراب يأتون النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسألونه عن الساعة، فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: «إن يعش هذا، لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم» (٢).

قال ابن كثير (٣): (والمراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة، فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة، وبعض الناس يقول: من مات فقد قامت قيامته، وهذا الكلام بهذا المعنى صحيح) (٤).


(١) انظر: الإيمان باليوم الآخر وبالقضاء والقدر، أحمد عز الدين البيانوني، ص ٧ - ١٢، ط الثانية، دار السلام، ١٤٠٥ هـ.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت، (١١/ ٣٦١ - مع الفتح)، دار الفكر، بتعليق الشيخ عبدالعزيز بن باز، صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب قرب قيام الساعة، (١٨ - ٩٠ - مع شرح النووي)، دار الكتاب العربي، بيروت، ١٤٠٧ هـ.
(٣) هو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي الشافعي، الإمام الحافظ المحدث المؤرخ، من مؤلفاته: تفسير القرآن العظيم، والبداية والنهاية، واختصار علوم الحديث، توفي عام ٧٧٤. انظر: الدرر الكامنة: ١/ ٤٠٠، وشذرات الذهب: ٦/ ٢٣٢.
(٤) ابن كثير، النهاية في الفتن و الملاحم، ص ١٣، ضبط وتصحيح: أحمد عبدالشافي، ط. الثانية، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٧ هـ.

<<  <   >  >>