للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣ - الطور الثالث: حياته وهو في البرزخ]

فإذا مات انتقل من هذه الحياة، إلى حياة برزخية، تنفصل فيها الروح عن الجسد، ويتنعم فيها أو يعذب. قال الله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)} [سورة غافر: ٤٥ - ٤٦] [غافر: ٤٥ - ٤٦]. ومر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين فقال: «إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لايستتر من بوله» (١).

والبرزخ: هو أول عالم من عوالم الآخرة.

والبرزخ في كلام العرب الحاجز بين الشيئين، قال تعالى: {أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا} [الفرقان: ٥٣]، أي حاجزاً.

وفي الشرع: الدار التي تعقب الموت إلى البعث، قال تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)} [سورة المؤمنون: ١٠٠]. قال مجاهد: هو ما بين الموت والبعث (٢).

(وأول شيء يكون بعد الموت فتنة القبر فإن الناس يفتنون - أي يختبرون - في قبورهم فما من إنسان يموت سواء دفن في الأرض، أو رمي في البحر، أو أكلته السباع، أو ذرته الرياح، إلا ويفتن هذه الفتنة فيسأل عن ثلاثة أمور: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ .

فأما المؤمن فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، وحينئذ يفسح له في قبره مد البصر، ويفرش له فراش من الجنة ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها.

أما إذا كان كافراً أو منافقاً فإنه إذا سئل من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين - الإنس والجن - ولو سمعها لصعق (٣)) (٤).

ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- مما يكون بعد الموت


(١) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب عذاب القبر من الغيبة والنميمة، (٣/ ٢٤٢ - مع الفتح).
(٢) التذكرة للقرطبي، ص ٢٠٠، ط. الأولى، دار الريان للتراث، القاهرة، ١٤٠٧ هـ.٦
(٣) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب ما جاء في عذاب القبر، فتح الباري (٣/ ٢٠٦).
(٤) ابن عثيمين، أركان الإيمان، ٣٨ - ٤٠، ط. الأولى، دار المسلم، الرياض، ١٤١٣ هـ. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال، فتح الباري (٣/ ٢٣١).

<<  <   >  >>