للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: نشر الكتب]

ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر: نشر الدواوين وهي الكتب، تنشر بين الناس فيختلف الناس في أخذ هذه الكتب، منهم من يأخذها باليمين، ومنهم من يأخذها بالشمال، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (٢٣) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦)} [سورة الحاقة: ١٩ - ٢٦].

وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠)} [الانشقاق: ١٠]، أي: يأخذه بشماله، لكن تخلع الشمال إلى الخلف من وراء ظهره والجزاء من جنس العمل، فكما أن هذا الرجل جعل كتاب الله وراء ظهره أعطي كتابه يوم القيامة من وراء ظهره جزاءً وفاقاً.

هذا الكتاب قد كُتب فيه ما يعمله الإنسان كما قال تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١)} [سورة الانفطار: ٩ - ١١] [الانفطار: ٩ - ١١]، ويقال للإنسان {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)} [الإسراء: ١٤].

[المبحث السادس: الحوض]

ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر: الحوض، حوض النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا الحوض حوض واسع طوله شهر وعرضه شهر وآنيته كنجوم السماء في كثرتها وحسنها، وماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك، ومن يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً، ويستمد الحوض ماءه من الكوثر، وهو نهر أعطيه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة يصب منه ميزابان على الحوض فيبقى الحوض دائما مملوءاً، ويرده المؤمنون من أمة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويشربون منه، ويكون هذا الحوض في عرصات القيامة عند شدة الحر وتعب الناس وهمهم وغمهم، فيشربون من هذا الحوض الذي لا يظمأون بعد الشرب منه أبداً. عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «حوضي مسيرة شهر، وزواياه سواء، ماؤه أبيض من الْوَرِقِ – أي الفضة-، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، فمن شرب منها فلا يظمأ أبداً» (١).

(وزمن الحوض قبل العبور على الصراط، لأن المقام يقتضي ذلك، حيث إن الناس في حاجة إلى الشرب في عرصات القيامة قبل عبور الصراط) (٢).


(١) صحيح البخاري كتاب الرقاق، باب في الحوض (١١/ ٤٦٣)، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب حوض النبي -صلى الله عليه وسلم- وصفته (١٥/ ٥٥).
(٢) شرح العقيدة الواسطية، الشيخ محمد بن عثيمين، (٢/ ١٥٨).

<<  <   >  >>