[الفصل الرابع: آثار الإيمان باليوم الآخر في إصلاح المجتمع]
الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان، وعقيدة من عقائد الإسلام الأساسية، فإن قضية البعث في الدار الآخرة هي التي تقوم عليها بناء العقيدة بعد قضية وحدانية الله تعالى.
والإيمان بما في اليوم الآخر وعلاماته من الإيمان بالغيب الذي لا يدركه العقل، ولا سبيل لمعرفته، إلا بالنص عن طريق الوحي.
وقل أن تمر على صفحة من القرآن إلا وتجد فيها حديثاً عن اليوم الآخر، وما فيه من ثواب وعقاب.
والحياة الحقيقية في الإسلام ليست هي الحياة الدنيا القصيرة المحدودة فقط، وليست هي عمر الإنسان القصير المحدود فقط.
إن الحياة في الحقيقة في الإسلام تمتد طولاً في الزمان إلى أبد الآباد، وتمتدُّ في المكان إلى دار أخرى في جنة عرضها السموات والأرض، أو نار تتسع لكثير من الأجيال التي عمرت وجه الأرض أحقاباً من السنين.
وللإيمان باليوم الآخر أهمية بالغة في حياة الإنسان وآثار عميقة، ونستطيع أن نفهم على ضوء هذه الحقيقة أن القرآن ربط في كثير من المواضع بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، قال تعالى:{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران: ١١٤]، وقال تعالى:{ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}[الطلاق: ٢]، فالإيمان باليوم الآخر يرتبط بالإيمان بالله مباشرة.
إن الإيمان بالله واليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب هو الموجه الحقيقي لسلوك الإنسان سبيل الخير، وليس هناك أي قانون من قوانين البشر يستطيع أن يجعل سلوك الإنسان سوياً مستقيماً كما يصنعه الإيمان باليوم الآخر.
ولهذا، فإن هناك فرقاً كبيراً وبوناً شاسعاً بين سلوك من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الأعمال الصالحة زاد الآخرة، كما قال الله تعالى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}[البقرة: ١٩٧].