للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتبقى ست آيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة والدخان والخسوف الثلاثة.

أما طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة فتكونان بعد نزول عيسى -عليه السلام- وقتله الدجال وإهلاك يأجوج ومأجوج في عهده وبعد فساد الناس ودروس الإسلام وقبل خروج النار التي تحشر الناس؛ ولكن أيهما أسبق خروج الشمس أم خروج الدابة؟ ذلك ما لا يمكن الجزم به بسبب عدم جزم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك، ففي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس من ضحى وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً» (١).

ولا يجوز الاستدلال بهذا الحديث على أن طلوع الشمس من مغربها يكون قبل خروج الدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج لقوله: «أول الآيات خروجاً طلوع الشمس» .. الحديث.

(فالذي يترجح من الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض وينتهي ذلك بموت عيسى -عليه السلام-، وأن طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير العالم العلوي وينتهي ذلك بقيام الساعة ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من مغربها) (٢). والله أعلم.

و الذي يظهر أن طلوع الشمس من مغربها يسبق خروج الدابة ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو الذي يقرب منه.

أما بقية الآيات وهي الخسوف الثلاثة والدخان - فلا ندري ما ترتيبها في الآيات العظام، فلم نر من النصوص الصحيحة ما يحدد ذلك والله أعلم بحقيقته (٣).

أشراط الساعة الكبرى:

[١ - المسيح الدجال]

فتنة الدجال تقع في آخر الزمان وهي إحدى أشراط الساعة الكبرى، وفتنته من أعظم الفتن التي تمر على البشرية عبر تاريخها. من أجل ذلك فإن جميع الأنبياء حذروا أقوامهم من فتنته، ولكن رسولنا

-صلى الله عليه وسلم- كان أكثر تحذيراً لأمته منه.

ففي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: قام رسول الله صلى الله عليه في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: «إني لأنذركموه، وما من نبي قبلي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور وإن الله ليس بأعور ... » (٤).

وسمي الدجال مسيحاً لأن عينه الواحدة ممسوحة، والمسيح: هو الذي لا يبقى على أحد شقي وجهه عين


(١) صحيح مسلم، كتاب الفتن، باب في خروج الدجال (١٨/ ٨٧ - مع شرح النووي).
(٢) فتح الباري (١١ - ٣٥٣).
(٣) انظر: اليوم الآخر - القيامة الصغرى ص (٢١٧ - ٢٢٠).
(٤) صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال (١٨/ ٦١ - مع الفتح).

<<  <   >  >>