للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: الميزان]

مما يدخل في الإيمان باليوم الآخر: الميزان قال الله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف: ٨]، وقال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: ٤٧].

والميزان عند أهل السنة ميزان حقيقي توزن به أعمال العباد، قال ابن حجر: " قال الزجاج: أجمع أهل السنة على الإيمان بالميزان، وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة، وأن الميزان له لسان وكفتان ويميل بالأعمال" (١).

(وقد ورد ذكر الوزن والموازين في آيات كثيرة من القرآن وقد أفاد مجموع النصوص أنه يوزن العامل والعمل والصحف ولا منافاة بينها فالجميع يوزن ولكن الاعتبار في الثقل والخفة يكون بالعمل نفسه لا بذات العامل ولا بالصحيفة والله أعلم) (٢).

ومجازاة الناس بأعمالهم، جنهم وإنسهم ينصب الله الموازين، ويزن بها أعمال العباد، فهذا يرجح ميزانه وهو السعيد، وهذا يخف ميزانه وهو الهالك، وهذا يعطى كتابه بيمينه وهو السعيد، وهذا يعطى كتابه بشماله وهو الشقي، نسأل الله السلامة والعافية.

واختلف العلماء في الميزان هل هو واحد أم متعدد على قولين؛ وذلك أن النصوص جاءت بالنسبة للميزان مرة بالإفراد ومرة بالجمع مثل قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} [الأنبياء: ٤٧]، وأفرد في مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ثقيلتان في الميزان» (٣). فقال بعض العلماء: إن الميزان واحد، وأنه جمع باعتبار الموزون أو باعتبار الأمم، فهذا الميزان توزن به أعمال أمة محمد، وأعمال أمة موسى، وأعمال أمة عيسى، وهكذا فجمع الميزان باعتبار تعدد الأمم، والذين قالوا إنه متعدد بذاته قالوا: لأن هذا هو الأصل في التعدد ومن الجائز أن الله تعالى يجعل لكل أمة ميزاناً أو يجعل للفرائض ميزاناً، وللنوافل ميزان. والذي يظهر -والله أعلم- أن المراد أن الميزان واحد، ولكنه متعدد باعتبار الموزون (٤).


(١) انظر: فتح الباري (١٣/ ٥٣٨)، وشرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح الفوزان ص ١٤٨.
(٢) شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح الفوزان ص ١٤٨.
(٣) صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، (١١/ ٢٠٦ - مع الفتح).
(٤) أركان الإيمان: ص ٥٢.

<<  <   >  >>