للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [سورة الأنفال:٥٠ - ٥١].

قال ابن كثير -رحمه الله-: (وإن كان هذا في وقعة بدر، ولكنه عام في حق كل كافر، ولهذا لم يخصصه تعالى بأهل بدر، بل قال: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا} .. ) (١).

وللموت سكرات يلاقيها كل إنسان حين الاحتضار، كما قال تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩)} [ق:١٩].

وقد عانى النبي -صلى الله عليه وسلم- من هذه السكرات، ففي مرضه -صلى الله عليه وسلم- كان بين يديه ركوة من ماء أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه، ويقول: «لا إله إلا الله، إن للموت سكرات» (٢)، وتقول عائشة -رضي الله عنها- في مرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-» (٣).

ثم إذا نزعت الروح صعد بها إلى السماء، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها»، قال حماد (٤): "فذكر من طيب ريحها، وذكر المسك، قال: "ويقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قبل الأرض، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه، فينطلق به إلى ربه عز وجل، ثم يقول: انطلقوا به إلى أخر الأجل قال: "وإن الكافر إذا خرجت روحه - قال حماد وذكر من نتنها، وذكر لعنا ويقول أهل السماء: روح خبيثة من قبل الأرض، قال فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل (٥).

وهذان الطوران نراهما بأعيننا وندرك الفرق الشاسع بينهما.


(١) المرجع السابق (٢/ ٣٣٢).
(٢) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب سكرات الموت، (١١/ ٣٦١ - مع الفتح).
(٣) صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب شدة المرض، (١٠/ ١١٠ - مع الفتح).
(٤) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري ثقة ثبت فقيه، قيل أنه كان ضريراً ولعله طرأ عليه لأنه صح أنه كان يكتب، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين وله إحدى وثمانون سنة. تقريب التهذيب ص ١١٧.
(٥) صحيح مسلم، كتاب الجنة، باب عرض مقعد الميت عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه (١٧/ ٢٠٥).

<<  <   >  >>