للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبذلك ثبت أنها لم تكن من النساء الحرائر ولذلك لم يجب عليها الإحداد. ولصحة هذا الحديث ومخالفته لما صح عن أم عطية في وجوب الإحداد أربعة أشهر وعشرا؛ تجد أن بعض أهل العلم قد أوّلوا هذا الحديث بعدة تأويلات في غاية البعد والضعف، رغم أنه ليس هناك ما ينفي أنها كانت أم ولد لأبي بكر، ولا ما يثبت أنها كانت زوجة له من الحرائر!!

قال المغربي في البدر التمام شرح بلوغ المرام (٨/ ١٩٥): أن أسماء بنت عميس استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تبكي على جعفر وهي امرأته، فأذن لها ثلاثة أيام، ثم بعث إليها بعد ثلاثة أيام، أن تطهري واكتحلي. قالوا: وهذا ناسخ لأحاديث الإحداد؛ لأنه بعدها، فإن أم سلمة أمرت بالإحداد بعد موت زوجها، وموته متقدم على قتل جعفر رضي الله عنهما. وقد أجيب عن هذا بأجوبة منها؛ أنه مخالف للأحاديث الصحيحة، وقد أجمعوا على خلافه. ولا يخفى ما في هذا الجواب من الركَّة. ومنها أن جعفرا قتل شهيدًا،

والشهداء أحياء عند ربهم. وهذا كذلك، فإنه كان يلزم جريه في حق غيره من الشهداء كحمزة وغيره. ومنها أن أحاديث وجوب الإحداد ناسخة لهذه الأحاديث المبيحة. ذكره الطحاوي، ودعوى النسخ لا تصح مع ما قد عرفت من تأخر قصة أسماء بنت عميس، بل الأمر بالعكس. ومنها أنه يحتمل أن أسماء فعلت من الإحداد قدرا زائدا على ما يجب عليها، فنهيت بعد الثلاث عن ذلك الزائد، ووسع لها في الثلاث لشدة ما ألم بها من المصيبة. ومنها أنه يحتمل أنها كانت حاملًا فوضعت بعد الثلاثة الأيام فانقضت عدتها، وحديث: "تسَلَّبي ثلاثا". يحمل على أنه - صلى الله عليه وسلم - اطلع على أن عدتها تنقضي بعد الثلاث، ويكون

<<  <   >  >>