للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرك أن تنظر فانظر وإلا فأنشدك، كأنها أعظمت ذلك، قال فنظرت إليها فتزوجتها. (١)

- عن محمد بن مسلمة - رضي الله عنه - قال خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى نظرت إليها في نخل لها فقيل له أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها). (٢)

وهذه الأحاديث صريحة الدلالة على تقييد جواز النظر بالخطبة، مما يدل على تحريمه لغير الخاطب، كما تدل على أن النساء لم يكن كاشفات وجوههن بحضرة الرجال الأجانب، مما استلزم أن يُندب الخاطب إلى أن ينظر إلى مخطوبته، ولو كانت النساء مسفرات لما كان في حث الخاطب على النظر؛ فائدة!

بل إن بعض الفقهاء لم يدع جواز النظر للخاطب على إطلاقه (٣):


(١) سنن ابن ماجه ١/ ٦٠٠ (١٨٦٦) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (١٨٦٦).
(٢) سنن ابن ماجه ١/ ٥٩٩ (١٨٦٤) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (١٨٦٤) ..
(٣) ومثله ما جاء في كتب الفقه من التضييق على الشاهد في رؤية المشهود عليها:
- فمن المذهب الحنبلي؛ كشاف القناع (٥/ ١٤): وأن مقتضاه أن الشاهد لا ينظر سوى الوجه إذا الشهادة لا دخل لها في نظر الكفين.
- ومن المذهب الشافعي؛ نهاية المحتاج (٦/ ١٩٨ - ١٩٩): قلت ويباح النظر للوجه فقط لمعاملة أو شهادة تحملا وأداء لها وعليها، وتكلف الكشف للتحمل والأداء فإن امتنعت أمرت امرأة أو نحوها بكشفها، ولو عرفها الشاهد في النقاب لم يحتج للكشف فعليه يحرم الكشف حينئذ إذ لا حاجة إليه ... ومن ثم قال الماوردي لو عرفها الشاهد بنظرة لم تجز ثانية أو برؤية بعض وجهها لم تجز رؤية كله.
- ومن المذهب الحنفي؛ شرح فتح القدير (٧/ ٣٨٥): وأنت تعلم أنه لا بد من معرفة تفيد التمييز عند الأداء عليها. فإذا ثبت أن التعريف يفيد التمييز لزم أن لا حاجة إلى رؤية وجهها ولا شخصها كما اختاره شيخ الإسلام جواهر زاده، إلا إذا لم يوجد من يعرفها.
- ومن المذهب المالكي؛ الفواكه الدواني (٢/ ٢٧٧): الشاهد يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها فقط، ومحل الجواز إذا كانت غير معروفة النسب ... مفهوم كلام المصنف يقتضي أن رؤية وجه الشابة لغير عذر فيه الحرج أي الإثم وظاهره ولو لغير قصد اللذة وهو أحد قولين لأن نظر وجه الشابة مظنة للالتذاذ.

<<  <   >  >>