للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا ثبت عن كبار الصحابة والتابعين في تفسير قوله تعالى {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ... أن الخاتم والسوار من الزينة الظاهرة؛ دل ذلك على أن الذين تبدى لهم الزينة الظاهرة ليسوا من الرجال الأجانب الذين يُحتجب عنهم. لأنه من الثابت شرعا النهى عن إبداء هذه الزينة للرجال الأجانب، وأهل العلم قاطبة مجمعون على تحريم إبداء ذلك للرجال الأجانب (١)،


(١) ومنهم الشيخ الألباني حيث قال في جلباب المرأة /٨٩: فثبت أن الوجه ليس بعورة يجب ستره ... لكن ينبغي تقييد هذا بما إذا لم يكن على الوجه وكذا الكفين شيء من الزينة لعموم قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن) وإلا وجب ستر ذلك ولا سيما في هذا العصر الذي تفنن فيه النساء بتزيين وجوههن وأيديهن بأنواع من الزينة والأصبغة مما لا يشك مسلم في تحريمه، ويؤيد هذا ما أخرجه ابن سعد (٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩) عن أخت حذيفة وكان له أخوات قد أدركن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: (خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا معشر النساء أليس لكن في الفضة ما تحلين؟ أما إنه ليس منكن امرأة تحلى ذهبا تظهره إلا عذبت به قال منصور: فذكرت ذلك لمجاهد فقال: قد أدركتهن وإن إحداهن لتتخذ لكمها زرا تواري خاتمها). اهـ
ومما يشهد أيضا لعدم جواز إبداء هذه الزينة للرجال الأجانب ما ورد عن عمارة بن خزيمة قال: خرجنا مع عمرو بن العاص متوجهين إلى مكة فإذا نحن بامرأة عليها حبائر لها وخواتيم وقد بسطت يدها على الهودج، فقال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا نحن بغربان وفيها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلين فقال" لا يدخل الجنة من النساء إلا قدر هذا الغراب في هؤلاء الغربان". أخرجه أحمد في مسنده (١٧٨٦٠) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٤٠٠ رجاله ثقات، والنسائي في السنن الكبرى (٩٢٦٨) وأبي يعلى في مسنده (٧٣٤٣) واللفظ له، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ٤/ ٤٦٦ (١٨٥٠) وقال الحبائر: ضرب من الأسورة، وفي لسان العرب ٤/ ١١٥: الحبائر: الأسورة من الذهب والفضة.
فدل استحضار عمرو بن العاص لهذا الحديث بعد أن رأى هذه المرأة التي أظهرت يديها بما فيها من أساور وخواتيم أمام الرجال الأجانب على أن هذا الأمر مما نهى عنه الشرع وأنه قد يكون حائلا دون دخول الجنة!

<<  <   >  >>