للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أدى حمل قوله {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} في هذه الآية على أن المراد به الزوج إلى أن بالغ بعضهم فأحلوا النظر لجميع جسد المرأة لذوي محارمها عدا العورة المغلظة؛ معللين ذلك بأن الله قد ساوى في ذلك بين البعولة وبينهم في الآية! (١) ولاستبعاد ذلك قال الآخرون: مع أن الله تعالى جمع هؤلاء في سياق واحد إلا أنه لا يفهم منه استواء أحكامهم لأن الزوج يباح له النظر من زوجته ما لا يحل لأبيها النظر إليه! ولو حُمل المراد بالبعولة وآباء البعولة وأبنائهم في هذه الآية على السيّد بالنسبة للأمة المتزوجة ووالده وولده؛ لكان أسلم.

ومما يشهد لذلك أن "الحسن والحسين كانا لا يريان أمهات المؤمنين وكان ابن عباس يرى أن رؤيتهن لهما حل" (٢) فإنهن لهما بمنزلة زوجات الأب، ولكن لما كان أبناء الأزواج ممن لم يستثن في الآية؛ فلا يحل لزوجات أبيهم (أمهات المؤمنين) أن يبدين لهم من زينتهن إلا ما ظهر منها؛ كرهوا الدخول عليهن، والله تعالى أعلم.

وفيه كذلك الجواب على من أنكر على من قال إن العم والخال ينعتان لأبنائهم بأن الله قد أباح لأبي الزوج الزينة الباطنة وهو قد ينعت لأبنائه (إخوة الزوج) فإذا حُمل أن المراد هو أبو السيد بالنسبة للأمة، وأن آباء الأزواج لا يبدى لهم إلا ما ظهر من الزينة؛ كانوا كالأعمام في الحكم.


(١) انظر المحلى: ١٠/ ٣٢.
(٢) سنن سعيد بن منصور ١/ ٢٧٦ (٩٦٥) مصنف ابن أبي شيبة ٤/ ١٢ (١٧٢٩١).

<<  <   >  >>