والعقوبات من ذي العزة والجلال، ذلك مثل لبسهن ما يبدي تقاطيع أبدانهن من عضدين وثديين وخصر وعجيزة ونحو ذلك، ومثل لبس الثياب الرقيقة التي تصف البشرة، وكذلك الثياب القصيرة التي لا تستر العضدين ولا الساقين ونحو ذلك. ولا شك أن هذه الأشياء تسربت عليهن من بلدان الإفرنج ومن يتشبه بهم، لأنها لم تكن معروفة فيما سبق ولا مستعملة، ولا شك أن هذا من أعظم المنكرات، وفيه من المفاسد المغلظة، والمداهنة في حدود الله لمن سكت عنها، وطاعة للسفهاء في معاصي الله، وكونه يجر إلى ما هو أطم وأعظم، ويؤدي إلى ما هو أدهى وأمر من فتح أبواب الشرور والفساد، وتسهيل أمر التبرج والسفور. ولهذا لزم التنبيه على مفاسدها والتدليل على تحريمها والمنع منها، ونكتفي بذكر أمهات المسائل ومجملاتها طلباً للاختصار:
أولاً: أنها من التشبه بالإفرنج والأعاجم ونحوهم، وقد ثبت في الآيات القرآنية، والأحاديث الصحيحة النبوية النهي عن التشبه بهم في عدة مواضع معروفة.
ثانياً: أن المرأة عورة، ومأمورة بالاحتجاب والستر ومنهية عن التبرج وإظهار زينتها ومحاسنها ومفاتنها، قال تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} النور: ٣١ وقال تعالى {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} الأحزاب: ٣٣.
وهذا اللباس ليس بساتر للمرأة بل هو مبرز لمفاتنها ومغرٍ لها ومغرٍ بها من رآها وشاهدها، وهي بذلك داخلة في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " صنفان من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد: نساء كاسيات