للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من إِحْسَان ربه وَالِاسْتِغْفَار لما تقدم من إساءة العَبْد إِلَى نَفسه والاستعانة لما يستقبله العَبْد من أُمُوره فَلَا بُد لكل عبد من الثَّلَاثَة

فَقَوله الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ يتَنَاوَل ذَلِك فَمن قصر فِي وَاحِدَة مِنْهَا فقد طلم نَفسه بِحَسب تَقْصِيره وَالْعَبْد إِذا عمل بِمَا علم أورثه الله علم مَا لم يعلم كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلَو أَنهم فعلوا مَا يوعظون بِهِ لَكَانَ خيرا لَهُم} الْآيَة وَقَالَ {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى}

وَإِذا ترك العَبْد الْعَمَل بِعِلْمِهِ عَافِيَة الله بِأَن يضله عَن الْهدى وَأَن لَا يعرفهُ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَلَمَّا زاغوا أزاغ الله قُلُوبهم} وَقَالَ {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كَمَا لم يُؤمنُوا بِهِ أول مرّة} وَدلّ {فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا}

وَفِي الحَدِيث إِن العَبْد إِذا أذْنب ذَنبا نكت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء فَإِذا تَابَ وَنزع واستغفر صقل قلبه وَإِن زَاد زيد فِيهَا حَتَّى تعلو كل قلبه فَذَلِك الران الَّذِي قَالَ تَعَالَى {كلا بل ران على قُلُوبهم} رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ

فَهَذِهِ الْأُمُور يبين الله بهَا أَجنَاس ظلم العَبْد نَفسه لَكِن لكل إِنْسَان بِحَسبِهِ وبحسب دَرَجَته فَمَا من صباح يصبح إِلَّا وَللَّه على عبَادَة حُقُوق ولنفسه ولخلقه عَلَيْهِ حُقُوق فلنفسه عَلَيْهِ أَن يعفها وحدود عَلَيْهِ أَن يحفظها ومحارم عَلَيْهِ أَن يتجنبها

فَإِن أَجنَاس الْأَعْمَال ثَلَاثَة مَأْمُور بِهِ قَالُوا هُوَ الْفَرَائِض ومنهى عَنهُ وَهُوَ الْمحرم ومباح لَهُ حد فتعديه حُدُود الله بل قد تكون الزِّيَادَة بعض الْوَاجِبَات والمستحبات لحدود الله وَذَلِكَ هُوَ الاسراف كَمَا قَالَ {رَبنَا اغْفِر لنا ذنوبنا وإسرافنا فِي أمرنَا}

<<  <   >  >>