إِلَى التَّزْوِيج فالأب أَحَق بهَا فَهُنَا قَالَ عِنْد الْحَاجة إِلَى التَّزْوِيج للْأَب وَإِن كَانَت لم تتَزَوَّج بعد وَهَذَا يكون بِالْبُلُوغِ
وَأما القَوْل الثَّالِث فِي مذْهبه وَهُوَ أَنَّهَا إِذا بلغت تكون حَيْثُ شَاءَت كالغلام فَهَذَا يَجِيء على قَول من يخيرها الْغُلَام فَمن خير الْغُلَام الْغُلَام قبل بُلُوغه كَانَ أمره بعد الْبلُوغ إِلَى نَفسه كَمَا قَالَه الشَّافِعِي وَأحمد وَغَيرهمَا لَكِن أَبُو البركات حكى هَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي محرره فِي الْبَالِغَة وَهِي مطالقة للأقوال الثَّلَاثَة الَّتِي ذَكرنَاهَا فِي غير الْبَالِغَة فَإِنَّهُ على الْمَشْهُور عِنْد أَصْحَاب أَحْمد أَنَّهَا إِذا كَانَت قبل الْبلُوغ عِنْد الْأَب فَهِيَ بعد الْبلُوغ أولى أَن تكون عِنْد الْأَب مِنْهَا عِنْد الْأُم فَإِن أَبَا حنيفَة وَأحمد فِي رِوَايَة ومالكا يجعلونها قبل الْبلُوغ للْأُم وَبعد الْبلُوغ جعلوها عِنْد الْأَب وَهَذَا يدل على أَن الْأَب أحفظ لَهَا وأصون وَأنْظر فِي مصلحتها فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا فرق بَين مَا قبل الْبلُوغ وَمَا بعده فِي ذَلِك
فَتبين أَن هَذَا القَوْل وَهُوَ جعل الْبِنْت المميزة عِنْد الْأَب أرجح من غَيره وَالله أعلم
[فصل]
والتخيير قد جَاءَ فِيهِ حديثان وَأما تَقْدِيم الْأُم على الْأَب فِي حق الصَّغِير فمتفق عَلَيْهِ وَقد جَاءَ فِيهِ حَدِيث عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن الْمَرْأَة قَالَت يَا رَسُول الله إِن ابْني هَذَا كَانَ بَطْني لَهُ وعَاء وحجري لَهُ حَوَّاء وثديي لَهُ سقاء وَزعم أَبوهُ أَنه يَنْزعهُ مني فَقَالَ أَنْت أَحَق بِهِ مالم تنكحي رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد لَكِن فِي لَفظه وَأَن أَبَاهُ طَلقنِي وَزعم انه ينتزعه مني
وَقَالَ ابْن الْمُنْذر أجمع كل من يحفظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن الزَّوْجَيْنِ إِذا افْتَرقَا وَلَهُمَا ولد طِفْل أَن الْأُم أَحَق بِهِ مَا لم تنْكح وَمِمَّنْ حفظتا عَنهُ ذَلِك يحيى الْأنْصَارِيّ وَالزهْرِيّ وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَبِه تَقول وَقد روينَا عَن أبي بكر الصّديق أَنه حكم على عَمْرو بِهِ وبصبي لعاصم لأمه أم