وَيدل على ذَلِك أَن قصَّة الذَّبِيح كَانَت بِمَكَّة وَلما فتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة كَانَ قرنا الْكَبْش فِي الْكَعْبَة فَقَالَ للسادن أردْت أَن آمُرك أنتخمر قَرْني الْكَبْش ففنسيت فخمرها فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي الْقبْلَة شئ يلهي الْمُصَلِّي فَلهَذَا جعلت مني محلا للنسك من عهد إِبْرَاهِيم
وَإِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل هما اللَّذَان بنيا الْبَيْت بِنَصّ الْقُرْآن وَلم يقل أحد أَن إِسْحَاق ذهب إِلَى مَكَّة
وَبَعض الْمُفَسّرين من أهل الْكتاب يزْعم أَن قصَّة الذَّبِيح كَانَت فِي الشَّام وَهَذَا افتراء بَين فَإِنَّهُ لَو كَانَ بِبَعْض جبال الشَّام لعرف ذَلِك الْجَبَل وَرُبمَا جعل منسكا كَمَا جعل الْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي بناه إِبْرَاهِيم وَمَا خوله من المشاعر وَهُنَاكَ دَلَائِل أخر وعَلى مَا ذَكرْنَاهُ أسئلة أوردهَا طَائِفَة كَابْن جرير وَالْقَاضِي أبي يعلى والسهيلي وَلَكِن لَا يَتَّسِع هَذَا الْموضع لذكرها وجوابها
[فصل]
وَمن ضحى بِشَاة ثمنهَا أَكثر من ثمن الْبَقَرَة كَانَ أفضل من الْبَقَرَة فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الصَّدقَات أفضل فَقَالَ أغلاها ثمنا وأنفسها عِنْد أَهلهَا وَالَّذِي دلّت عَلَيْهِ السّنة أَن الضحية وَإِن كَانَت وَاجِبَة يضحى الرجل بِالشَّاة الْوَاحِدَة عَنهُ وَعَن أهل بَيته فقد ضحى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكبشين وَقَالَ الله مهذا عَن مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد وَقَالَ الرجل يضحى بِالشَّاة الْوَاحِدَة عَن أهل بَيته
[فصل]
الْأَعْمَال الَّتِي تكون بَين أثنين فَصَاعِدا يطْلب كل مِنْهُمَا أَن يغلب الآخر ثَلَاثَة أَصْنَاف