للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَتبين بِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ أَن الْإِنْسَان إِذا كَانَ سَائِلًا بِلِسَانِهِ أَو مستشرفا بِقَلْبِه إِلَى مَا يعاه فَلَا يَنْبَغِي أَن يقبله إِلَّا حَيْثُ تُبَاح الْمَسْأَلَة أَو الاستشراف وَأما إِذا أَتَاهُ من غير مَسْأَلَة وَلَا استشراف فَلهُ أَخذه إِن كَانَ الَّذِي أعطَاهُ حَقه كَمَا أعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر رَضِي الله عَنهُ من بَيت المَال فَإِنَّهُ قد كَانَ لَهُ عمل فَأعْطَاهُ عمالته وَله أَن لَا يقبله كَمَا فعل حَكِيم بن حزَام

وَقد تنَازع الْعلمَاء فِي وجوب الْقبُول وَالْمَشْهُور فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره أَنه إِن كَانَ أعطَاهُ مَالا يسْتَحقّهُ عَلَيْهِ فَإِن قبله وكافأه عَلَيْهِ فقد أحسن أما إِذا قبله من غير مُكَافَأَة بِالْمَالِ فَهَذَا يجوز مَعَ الْحَاجة وَيَدْعُو الله لَهُ وَأما الْغَنِيّ فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يكافىء كَمَا فِي الحَدِيث من أسدى إِلَيْكُم مَعْرُوفا فكافئوه فَإِن لم تَجدوا مَا تكافئوه فَادعوا لَهُ حَتَّى تعلمُوا أَنكُمْ قد كافأتموه

وَإِذا صَالح عَن شَيْء بِأَكْثَرَ من قِيمَته فَفِي لُزُوم هَذِه الزِّيَادَة نزاع فِي الصُّلْح يُبطلهُ طوائف من أَصْحَاب الشَّافِعِي وَأحمد ويصحه أَو حنيفَة وَهُوَ قِيَاس قَول أَحْمد وَغَيره وَهُوَ الصَّحِيح إِن شَاءَ الله تَعَالَى

[فصل]

الصَّدَقَة مَا يعْطى لوجه الله ديانَة وَعبادَة مَحْضَة من غير قصد إِلَى شخص معِين وَلَا طلب عوض من جِهَته وَلَكِن يوضع فِي مَوَاضِع الصَّدَقَة كَأَهل الْحَاجَات وَأما الْهَدِيَّة فيقصد بهَا إكرام شخص معِين إِمَّا لمحبة وَإِمَّا لصدقاة وَإِمَّا لطلب حَاجَة وَلِهَذَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل الْهَدِيَّة عَلَيْهَا فَلَا يكون لأحد عَلَيْهِ مِنْهُ وَلَا يَأْكُل أوساخ النَّاس الَّتِي يتطهرون بهَا من ذنوبهم وَهِي الصَّدقَات وَلم يكن يَأْكُل الصَّدَقَة لذَلِك وَغَيره

إِذا تبين ذَلِك فالصدقة أفضل إِلَّا أَن يكون فِي الْهَدِيَّة معنى يكون بِهِ أفضل من الصَّدَقَة مثل الإهداء لآل بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محبَّة لَهُ وَمثل

<<  <   >  >>