هَذِه الْأُخوة الَّتِي تكون بَين بعض النَّاس فِي هَذَا الزَّمَان وَقَول كل وَاحِد مِنْهُمَا مَالِي مَالك ودمى دمك وَوَلَدي ولدك وَيشْرب أَحدهمَا دم الآخر
فَهَذَا الْفِعْل على هَذَا الْوَجْه غير مَشْرُوع بِاتِّفَاق الْمُسلمين
وَإِنَّمَا كَانَ أصل الْأُخوة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وحاف بَينهم فيدار أنس بن مَالك كَمَا آخى بَين سعيد بن الرّبيع وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَبَين سُلَيْمَان الْفَارِسِي وَأبي الدَّرْدَاء
وَأما مَا يذكرهُ بعض المصنفين من أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخى عليا وآخى أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُم وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا بَاطِل بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة فَإِنَّهُ لم يؤاخ بَين مُهَاجِرِي ومهاجري وَإِنَّمَا آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَكَانُوا يتوارثون بالمؤاخاة حَتَّى نزل {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض}
وَتَنَازَعُوا اهل يُورث بهَا عِنْد تقدم الْوَرَثَة على قَوْلَيْنِ هما رِوَايَتَانِ عِنْد أَحْمد وَكَذَلِكَ تنَازع النَّاس هَل يشرع فِي الْإِسْلَام أَن يتآخى اثْنَان ويتحالفا كَمَا فعل الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار رَضِي الله عَنْهُم فَقيل إِن ذَلِك مَنْسُوخ لما رَوَاهُ مُسلم أَنه قَالَ لَا حلف فِي الْإِسْلَام وَمَا من حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا زَاده الْإِسْلَام شدَّة وَلِأَن الله تَعَالَى جعل المومنين بِنَصّ الْقُرْآن وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخُو الْمُسلم فَمن كَانَ قَائِما بِوَاجِب الْإِيمَان كَانَ أَخا لكل مُؤمن وَيجب عَلَيْهِ أَن يقوم بحقوقه وَإِن لم يجر بَينهمَا عقد أخوة خَاص فَإِن الله وَرَسُوله قد عقدا الْأُخوة بَينهمَا فَيجب على كل مُسلم أَن يكون حبه وبغضه ومعاداته وموالاته تبعا لحب الله وَرَسُوله ولأمر الله وَرَسُوله
وَمن النَّاس من يَقُول يشرع مثل ذَلِك تِلْكَ المؤاخاة والمحالفة وَهُوَ يُنَاسب من