ويؤمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَالْوَاجِب أَن يسْعَى بَين هَاتين الطَّائِفَتَيْنِ بِالصُّلْحِ الَّذِي أَمر الله بِهِ رَسُوله وَيُقَال لهَذِهِ مَا تنقم من هَذِه ولهذه مَا تنقم من هَذِه وَمن كَانَ من الطَّائِفَتَيْنِ يظنّ أَنه مظلوم مبغي عَلَيْهِ فَإِذا صَبر وَعَفا أعزه الله تَعَالَى وَنَصره وَمن كَانَ بَاغِيا فَاسِقًا فليتق الله وليتب إِلَيْهِ
وَهَذِه الْفِتَن سَببهَا الذُّنُوب فعلى كل من الطَّائِفَتَيْنِ أَن يسْتَغْفر الله وَيَتُوب إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يرفع عَنْهُم الْعَذَاب وَينزل عَلَيْهِم الرَّحْمَة قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ}
وَأجْمع الْمُسلمُونَ على جَوَاز مقاتلة قطاع الطَّرِيق فَإِذا طلبُوا مَالا لمعصوم لم يَصح أَن يعطيهم شَيْئا بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة بل يدفعهم بالأسهل فالأسهل فَإِن لم يندفعوا إِلَى الْقِتَال فَلهُ أَن يقاتلهم فَإِن قتل كَانَ شَهِيدا وَإِن قتل مِنْهُم وَاحِدًا على هَذَا الْوَجْه كَانَ دَمه هدرا وَكَذَلِكَ إِذا طلبُوا دَمه
وَفِي وجوب دَفعه عَن عَدمه نزاع هما رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد وَلَا يجب الدّفع عَن مَاله قَالَ الله تَعَالَى {وَبشر المخبتين} قَالَ عَمْرو بن أَوْس رَحمَه الله عَلَيْهِ هم الَّذين لَا يظْلمُونَ إِذا ظلمُوا فَيَنْبَغِي الصَّبْر على الظَّالِم وَألا يُقَاتل الْبَغي ببغي كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَو بغى جبل على جبل لجعل الله الْبَاغِي مِنْهُمَا دكا وَمن حِكْمَة الشّعْر ... قضى الله أَن الْبَغي يصرع أَهله ... وَأَن على الْبَاغِي تَدور الدَّوَائِر ...