فقد أنكر طَائِفَة من السّلف بعض حُرُوف من الْقُرْآن لعدم علمهمْ أَنَّهَا مِنْهُ فَلم يكفروا وعَلى هَذَا حمل الْمُحَقِّقُونَ حَدِيث الَّذِي قَالَ لأَهله إِذا أَنا مت فأحرقوني فَإِنَّهُ كَانَ جَاهِلا بقدرة الله عَلَيْهِ إِذا فعل ذَلِك وَلَيْسَ كل من جهل بعض مَا أخبر بِهِ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكفر وَلِهَذَا قَالَ السّلف من قَالَ الْقُرْآن مخلوف فَهُوَ كَافِر وَمن قَالَ إِن الله لَا يرى فِي الْآخِرَة فَهُوَ كَافِر وَلَا يكفرون الْمعِين الَّذِي يَقُول ذَلِك لِأَن ثُبُوت حكم التَّكْفِير ف حَقه مُتَوَقف على تحقق شُرُوط وَانْتِفَاء مَوَانِع فَلَا يحكم بِكفْر شخص بَينه إِلَّا أَن يعلم أَنه مُنَافِق بِأَن قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة النَّبَوِيَّة الَّتِي يكفر من خَالِقهَا وَلم يقبلهَا لَكِن قَول هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزلَة وأشباههم هُوَ بِلَا شكّ من الشّرك وَالْكفْر والضلال
[فصل]
وَمن قَالَ إِن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا حبوا وَيدخل الْجنَّة بعد الصَّحَابَة وَذكر أَن أَبَا بكر قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْإِسْرَاء والمعراج رَأَيْت رَبِّي بعيني رَأْسِي وَقَالَ لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا رَأَيْته بعيني قلبِي فَمن قَالَ إِن هَذِه أَحَادِيث صَحِيحَة فَهُوَ كَاذِب مفتر بِاتِّفَاق أهل الْعلم بذلك بل يسْتَحق الْعقُوبَة البليغة فَإِن القَوْل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر علم يُوجب تبوؤ المقعد فِي النَّار وَمن تعمد الْكَذِب عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفِي كفره وَقَتله قَولَانِ فانه لم ينْقل أحد أَنه قَالَ رَأَيْت رَبِّي بعيني رَأْسِي لَا أَبُو بكر وَلَا غَيره وَلَا نقلت عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك شَيْئا بل اجتهدت فَقَالَت من قَالَ إِن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الْفِرْيَة واستدلت بقوله تَعَالَى {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ رَآهُ بفؤاده مرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ أَبُو ذَر فِي الصَّحِيح نور أَنِّي أرَاهُ
وَمن الْعلمَاء من جمع بَين قَول عَائِشَة وَقَول ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم