للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَغَيرهم فَقَوله لَا يخَاف ظلما وَلَا هضما قَالَ أهل التَّفْسِير لَا يخَاف أَن يظلم فَيحمل عَلَيْهِ سيئات غَيره وَلَا يهضم فينقصه من حَسَنَاته

وَلَا يجوز أَن يكون هَذَا الظُّلم هُوَ شَيْئا مُمْتَنعا غير مَقْدُور عَلَيْهِ فَيكون التَّقْدِير فَلَا يخَاف مَا هُوَ مُمْتَنع لذاته خَارج عَن الممكنات والمقدورات فَإِن مثل هَذَا إِذا لم يكن وجوده مُمكنا حَتَّى يَقُولُوا إِنَّه غير مَقْدُور وَلَو أَرَادَهُ كخلق الْمثل فَكيف يعقل وجوده فضلا عَن أَن يتَصَوَّر خَوفه حَتَّى ينفى خَوفه ثمَّ أى فَائِدَة فِي نفي خوف هَذَا وَقد علم من سِيَاق الْكَلَام أَن الْمَقْصُود بَيَان أَن هَذَا الْعَامِل لَا يجزى على إحسانه بالظلم والهضم

فَعلم أَن الظُّلم المنفى يتَعَلَّق بالجزاء كَمَا ذكره أهل التَّفْسِير وَأَن الله لَا يجْزِيه رلا بِعَمَلِهِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَاب أَن الله لَا يعذب رلا من أذْنب

وَكَذَا قَوْله وَمَا رَبك بظلام للعبيد يدل الْكَلَام على أَنه لَا يظلم محسنا فينقصه من حَسَنَاته أَو يَجْعَلهَا لغيره وَلَا يظلم مسيئا فَيحمل عَلَيْهِ إساءة غَيره بل لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا أكتسبت وَهَذَا كَقَوْلِه {أم لم ينبأ بِمَا فِي صحف مُوسَى وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} فَلَيْسَ على أحد وزر غَيره وَلَا يسْتَحق أحد إِلَّا ماسعاه وكلا الْقَوْلَيْنِ حق على ظَاهره

وَكَذَلِكَ قَوْله فِيمَن عاقبهم وَمَا ظلمناهم كَانُوا هم الظَّالِمين بَين أَن عِقَاب الْمُجْرمين عدل لذنوبهم واخاذهم الْآلهَة الَّتِي لَا تغنى عَنْهُم شَيْئا لَا لأَنا ظلمناهم فعاقبناهم لغير ذَنْب وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا قوم إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم مثل يَوْم الْأَحْزَاب مثل دأب قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَالَّذين من بعدهمْ وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد}

بَين أَن هَذَا الْعقَاب لم يكن ظلما بل هُوَ لاستحقاقهم ذَلِك

وزيضا فَالْأَمْر الَّذِي لَا يُمكن الْقُدْرَة عَلَيْهِ لَا يصلح أَن يمدح الممدوح بِعَدَمِ

<<  <   >  >>