وَأما علم الْحساب من معرفَة أقدار الأفلاك وَالْكَوَاكِب وصفاتها ومقاديرها فَهَذَا فِي الأَصْل علم صَحِيح لَا ريب فِيهِ كمعرفة الأَرْض وصفاتها لَكِن جُمْهُور الدَّقِيق مِنْهُ كثير التَّعَب قَلِيل الْفَائِدَة كَالْعلمِ بمقادير الدقائق والثواني والثوالث فِي حركات السَّبْعَة الْمُتَحَيِّرَة {بالخنس الْجوَار الكنس} فَهَذَا يُمكن أَن يكون أَصله عَن إِدْرِيس وَالله أعلم بِحَقِيقَة ذَلِك كَمَا يَقُول نَاس إِن أصل الطِّبّ مَأْخُوذ عَن بعض الْأَنْبِيَاء
وَأما الْأَحْكَام الَّتِي هِيَ من جنس السحر فَمن الْمُمْتَنع أَن يكون نَبِي من الْأَنْبِيَاء كَانَ ساحرا وهم يذكرُونَ أنواعا من السحر وَيَقُولُونَ هَذَا يصلح لعمل النواميس أَي الشَّرَائِع وَالسّنَن وَمِنْهَا مَا هُوَ دُعَاء للكواكب وَعبادَة لَهَا وأنواع من الشّرك الَّذِي يعلم كل من آمن بِاللَّه وَرَسُوله بالاضطرار أَن نَبينَا من الْأَنْبِيَاء محَال أَن يَأْمر بِشَيْء من ذَلِك وَلَا علمه وَإِضَافَة ذَلِك إِلَى نَبِي من الْأَنْبِيَاء كاضافة من أضَاف ذَلِك السحر إِلَى سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لما سخر الله لَهُ الْجِنّ فَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كفر سُلَيْمَان وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا}
وَكَذَلِكَ الِاسْتِدْلَال على الْحَوَادِث بِمَا يستدلون بِهِ من الحركات العلوية على اخْتِيَار أَوْقَات الْأَعْمَال كل هَذَا مِمَّا يعلم قطعا أَن نَبينَا من الْأَنْبِيَاء لم يَأْمر قطّ بِهِ إِذْ فِيهِ من الْكَذِب وَالْبَاطِل مَا ينزه عَنهُ الْعُقَلَاء الَّذين هم دون الْأَنْبِيَاء