للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كطهارة الصَّيْد والأنعام فَإِنَّهَا طيبَة الَّتِي أَبَاحَهَا الله تَعَالَى فَلَا يحْتَاج إِلَى تَعْلِيل طَهَارَتهَا بِالطّوافِ فَإِن الطّواف يدل على أَن ذَلِك لدفع الْحَرج فِي نجاستها وَقَوله الماد طهُور لَا يُنجسهُ شئ قد قَالَ فِيهِ

أَولا قد يكون الْمَقْصُود وصف المَاء بِكَوْنِهِ طهُورا وبكونه لَا يُنجسهُ شئ فَيكون صفة بعد صفة لَيْسَ الْمَقْصُود جعل إِحْدَاهمَا عِلّة لِلْأُخْرَى وَوَصفه بِهَاتَيْنِ الصفتين يبين مُفَارقَته للبدن وَالثَّوْب وَنَحْوهمَا من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ من جِهَة أَنه طهُور وَمن جِهَة أَنه لَا يُنجسهُ شئ وَإِذا لم يُعلل نفي النَّجَاسَة بِكَوْنِهِ طهُورا لم يُوجب ذَلِك حُصُول النَّجَاسَة فِيمَا لَيْسَ بِطهُور بِمُجَرَّد الملاقاة فَإِذا أمكن أَن تكون هَذِه عِلَّتَانِ لجَوَاز استقائه من الْبِئْر لم يجب أَن يُقَال إِن إِحْدَاهمَا عِلّة لِلْأُخْرَى بل كَانَ قَوْله لَا ينجس كَقَوْلِه المَاء لَا يجنب وَهُنَاكَ لم يُعلل انْتِفَاء الْجَنَابَة عَنهُ بِكَوْنِهِ طهُورا فَكَذَا هُنَا لم يُعلل انْتِفَاء النَّجَاسَة عَنهُ بِكَوْنِهِ طهُورا بل هُنَاكَ علل جَوَاز اسْتِعْمَال سُؤْر عَائِشَة بِأَن المَاء لَا يجنب وَهنا علل وضوءه من بِئْر بضَاعَة بِأَن المَاء لَا ينجس وَزَاد مَعَ ذَلِك أَن المَاء طهُور وَهَذَا بَين لمن تَأمله بل هُوَ ظَاهر الحَدِيث

وَبَيَان ذَلِك أَنه قد سمى التُّرَاب طهُورا فِي نَجَاسَة الْحَدث والخبث فَقَالَ جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وتربتها طهُورا وَقَالَ فِي النَّعْلَيْنِ فليدلكها بِالتُّرَابِ فَإِن التُّرَاب لَهما طهُور وَمَعَ هَذَا التُّرَاب وَغَيره من أَجزَاء الأَرْض فِي النَّجَاسَة سَوَاء لافرق بَين التُّرَاب وَغَيره إِذا ظَهرت فِيهِ النَّجَاسَة كَانَ نجسا وَإِذا زَالَت بالشمس وَنَحْوهَا فإمَّا أَن يُقَال تَزُول مُطلقًا أَو لَا تَزُول مُطلقًا لم يفرق بَين التُّرَاب والرمكل وَغَيرهمَا من أَجزَاء الأَرْض كَمَا فرق بَينهمَا من فرق فِي طَهَارَة الْحَدث بل احْتج من يَقُول تزوالها بِحَدِيث البُخَارِيّ وَكَانَت الْكلاب تقبل وتدبر وتبول فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَكُونُوا يرشون من ذَلِك شَيْئا وَالْمَسْجِد كَانَ فِيهِ التُّرَاب وَغَيره

<<  <   >  >>