غفر لَهُ فِي نفس الْأَمر إِذْ لَا فرق بَين من يحكم لَهُ بالمغفرة أَو بِدُخُول الْجنَّة
وَمَعْلُوم أَن بشارته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ إِنَّمَا هِيَ لعلمه بِمَا يَمُوت علسيه المبشر وَلَا يمْنَع أَن يعْمل سَببهَا
وَعلم الله بالأشياء وآثارها لَا ينافى مَا علقها عَلَيْهِ من الْأَسْبَاب كَمَا أخبر أَن مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كتب مَقْعَده من الْجنَّة أَو النَّار وَمَعَ ذَلِك قَالَ اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ وَلَا من أخبرهُ أَنه ينتصر على عدوه لَا يمْنَع أَن يَأْخُذ أَسبَابه وَلَا من أخبرهُ أَنه يكون لَهُ ولد لَا يمْنَع أَن يتَزَوَّج أَو يتسرى
وَمن ذَلِك الدُّعَاء الْمَذْكُور فِي آخر سُورَة الْبَقَرَة فقد ثَبت أَن الله تَعَالَى قَالَ قد فعلت وَمَعَ ذَلِك فَمن الْمَشْرُوع لنا أَن نَدْعُوهُ
وَمِنْه قَول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلوا الله لي الْوَسِيلَة فحصول الْمَوْعُود لَا ينافى السَّبَب الْمَشْرُوع
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لنَبيه سنة سِتّ من الْهِجْرَة {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} وَمَعَ هَذَا فَمَا زَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَغْفر ربه بَقِيَّة عمره