بَيْعه بِثمن الْمثل وَفِي هَذَا فَسَاد وَحِينَئِذٍ فَإِن كَانَ أَمر النَّاس صَالحا بِدُونِ هَذَا لم يجز احْتِمَال هَذَا بِلَا مصلحَة راجحة وَأما أَن كَانَ بِدُونِ هَذَا لَا يحصل للنَّاس مَا يكفيهم من الطَّعَام وَنَحْوه أَو لَا يكون ذَلِك إِلَّا بأثمان مُرْتَفعَة وَبِذَلِك يحصل مَا يكفيكم بِثمن الْمثل فَهَذِهِ الْمصلحَة الْعَامَّة يفْتَقر فِي جَانبهَا مَا ذكر من المتع
وَأما إِذا ألزم النَّاس بذلك فَفِيهِ تَفْصِيل فَإِن النَّاس إِذا اضطروا إِلَى مَا عِنْد الْإِنْسَان من السّلْعَة وَالْمَنْفَعَة وَجب عَلَيْهِ أَن يبذلها لَهُم بِقِيمَة الْمثل وَيمْنَع أَن لَا يَبِيع سلْعَة حَتَّى يَبِيع مِقْدَار معينا وتفصيل ذَلِك لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه
إِذا تبين ذَلِك فَالَّذِي يضمن كُله من الكلف على أَن لَا يَبِيع السّلْعَة إِلَّا هُوَ ويبيعها بِمَا يخْتَار لَا ريب أَنه من جنس الكلف السُّلْطَانِيَّة وسبيل أهل الْوَرع لَا يَأْكُلُون من الشِّرَاء المضمن أَو الْملح المضمن فَإِنَّهُ مَكْرُوه لأجل الشُّبْهَة فَإِنَّهُ إِذا كَانَ لَا يَبِيع إِلَّا هُوَ بِمَا يخْتَار صَار كَأَنَّهُ يكره النَّاس على الشِّرَاء مِنْهُ فَيَأْخُذ مِنْهُم أَكثر مِمَّا يجب عَلَيْهِم ويختلط بِمَالِه فَيكون بِمَالِه شُبْهَة
وَمن أحد ذَلِك من الْمُبَاح وَإِن كَانَ إِنَّمَا بِضَمَان فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا فَإِن أصل الْملح مُشْتَرك بَين النَّاس وَلَا يحرم شِرَاؤُهُ لِأَن المُشْتَرِي لَا يظلم أحد والمباح لم يملكهُ بِمَالِه فَيجوز للْمُشْتَرِي دفع المَال ليَأْخُذ مَا كَانَ لَهُ أحد بِغَيْر شَيْء كَمَا لَا يجوز أَن يَشْتَرِي الرجل ملكه المغضوب من غاضبه وَله بذل ثمنه وَإِن حرم على البَائِع كَمَا يجوز رشوة الْعَامِل ليدفع الظُّلم عَن نَفسه لَا لمنع الْحق وإرشاؤه حرَام فِيهَا وَكَذَلِكَ الْأَسير وَالْعَبْد الْمُعْتق وَالزَّوْجَة الْمُطلقَة إِذا أنكر الآسر وَسيد العَبْد وَالزَّوْج الْمُطلق جَازَ لَهُم دفع شَيْء ليقروا بِالْحَقِّ وَإِن حرم على الْآخِذ وَنَحْو ذَلِك وَمَا وَفِي الْعرض بِهِ صَدَقَة
وَلَو أعْطى الرجل شَاعِرًا لِئَلَّا يكذب عَلَيْهِ يهجو أَو غَيره أَو لِئَلَّا يَقُول فِي عرضه مَا يحرم عَلَيْهِ كَانَ بذله لذَلِك جَائِزا وَأما أَخذ الشَّاعِر ذَلِك لِئَلَّا يَظْلمه فَحَرَام لِأَنَّهُ يجب عَلَيْهِ ترك ظلمه وَترك الْكَذِب عَلَيْهِ بِلَا عوض فَإِذا لم يتْركهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute