وَمن النَّاس من قَالَ لَا بده من التعويض وَالْأَجْر وَالْإِنْسَان قد يحصل لَهُ ثَوَاب بِغَيْر عمل مِنْهُ كَمَا يفعل عَنهُ من أَعمال الْبر
وَأما الصَّبْر فَفِيهِ أجر عَظِيم فَمن أُصِيب بِجرح وَنَحْوه فَعَفَا عَن جارحه كَانَ الْجرْح مُصِيبَة يكفر بهَا عَنهُ ويؤجر على صبره وعَلى إحسانه إِلَى الظَّالِم بِالْعَفو عَنهُ فَمن توهم أَن بِالْعَفو قد يسْقط حَقه أَو ينقص قدره أَو يحصل لَهُ ذل فَهُوَ غالط كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاث إِن كنت لحالفا عَلَيْهِنَّ مَا زَاد الله عبدا بِعَفْو إِلَّا عزا وَمَا نقصت صَدَقَة من مَال وَمَا تواضع أحد لله إِلَّا رَفعه
وَهَذَا رد لما يَظُنّهُ من النَّقْص والذل أتباعا للظن وَمَا تهوى الْأَنْفس من أَن الْعَفو مذلة وَالصَّدَََقَة تنقص مَاله والتواضع يخفضه وَمَا انتقم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ قطّ إِلَّا أَن تنتهك محارم الله فينتقم لله
وَالنَّاس أَرْبَعَة مِنْهُم من ينتصر لنَفسِهِ ولربه وَهُوَ الَّذِي فِيهِ دين وَغَضب الله وَمِنْهُم من لَا ينتصر لنَفسِهِ وَلَا لرَبه وَهُوَ الَّذِي فِيهِ جبن وَضعف دين وَمِنْهُم من ينْتَقم لنَفسِهِ لَا لرَبه وَهُوَ شَرّ الْأَقْسَام وَأما الْكَامِل فَهُوَ الَّذِي ينتصر لحق الله وَيَعْفُو عَن حق نَفسه عِنْد الْمقدرَة